Copernicus Darwin Freud

Ahmad Shakl d. 1450 AH
125

Copernicus Darwin Freud

كوبرنيكوس وداروين وفرويد: ثورات في تاريخ وفلسفة العلم

Genres

كان يوجد أيضا العديد من المؤلفات عن التطور (لامارك، سانت-هيلير، «بقايا التاريخ الطبيعي للخلق»)، التي كان عنصرها الأكثر تقدما هو تنوع الأنواع، لكنها وجدت صعوبة في تقديم آلية موثوقة يمكن أن تفسر اختلافات الأنواع.

تقدم داروين خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح عن طريق مقترح الانتقاء الطبيعي، ولكن ظل سبب الاختلاف الوراثي لغزا، وقد جذبت الطفرات العفوية الكثير من الاهتمام في دراسات التطور (انظر مربع 2-3).

وقعت هذه الاستراتيجيات التجريبية والمفاهيمية المختلفة على خلفية لوحة فلسفية رسمها عصر التنوير؛ لذلك ليس من المستغرب أن نجد العصر الفيكتوري مشبعا بثلاثة التزامات فلسفية؛ الأول: هو «وجهة النظر الميكانيكية»، والثاني: هو «الحتمية»، والثالث: هو «المادية». لا حاجة بنا للبحث عن قنوات خفية تربط علم العصر الفيكتوري بفلسفة العصر الفيكتوري؛ فالفرضيات الفلسفية مدمجة في كتابات العلماء الفيكتوريين. فقد ورثوها من المنهج الفلسفي. (1)

أطلق توماس كارلايل في عام 1829 على القرن التاسع عشر اسم عصر الآلات (كارلايل ، مقالة «لافتات العصور» (1829)، مقتبسة في باشمان 1995، 11). ضرب هذا اللقب وترا حساسا حيث إنه في نهاية القرن عارض هيكل لقب «قرن الأنثروبولوجيا» السابق وأطلق على القرن لقب «القرن الطبيعي». منحت المحركات البخارية والكهرباء للقرن التاسع عشر «ختما ميكانيكيا» (هيكل 1929، 279، 307). ورث الالتزام ب «وجهة النظر الميكانيكية» من الثورة العلمية وعصر التنوير؛ فوفقا للآباء المؤسسين للعلوم، يتكون العالم المادي من المادة والحركة. أطلق روبرت بويل عليها اسم وجهة النظر الجسيمية. وفسرت هذه النظرة جميع الظواهر الطبيعية بالرجوع إلى قوانين الحركة التي تنطبق على أصغر وحدات المادة؛ الذرات أو الجسيمات (انظر الفصل الأول، 5).

إرنست هيكل (1834-1919). (2)

نبع الالتزام ب «الحتمية» أيضا من الثورة العلمية. في الأعمال الفلسفية، غالبا ما تتسم الحتمية بأنها اعتقاد بالقدرة على التنبؤ المباشر بالظواهر الطبيعية من خلال معرفة القوانين القطعية والظروف الأولية. وصورتها الدائمة هي «شيطان لابلاس»، الذي يكشف نظره للتاريخ الكوني الحالة الديناميكية لجميع الأحداث، في الماضي والمستقبل، وكأنها خرز في سلسلة لا تنتهي. وتظهر الدراسة الأكثر دقة أن شيطان لابلاس يعتنق أيضا فكرة أنطولوجية للحتمية. فشيطان لابلاس يستطيع معرفة التاريخ الكوني والتنبؤ به، لأن الأحداث الكونية مربوطة في سلسلة فريدة من الأسباب المسبقة والآثار اللاحقة. فلا تقع أي أحداث بالصدفة. فالأحداث السببية التي وقعت يوم أمس تؤدي إلى آثار اليوم، والتي تصبح سببا لآثار الغد (فاينرت 2004، الفصل الخامس). وينعكس هذا الالتزام بالحتمية الأنطولوجية في كتابات الفيزيائيين والممارسين الطبيين، وكذلك في كتابات علماء الأحياء. ووفقا لإرنست هيكل:

أوضح علم التطور أن القوانين الثابتة الأبدية نفسها التي تحكم العالم غير العضوي تنطبق أيضا على العالم العضوي والأخلاقي. (هيكل 1929، 285؛ 1866، الفصل الرابع؛ 1878، 509)

كانت هذه وجهة نظر هكسلي أيضا.

8

ينبغي أن نلاحظ في هذا الصدد أن داروين شارك في الالتزام بالمادية، ولكنه لم يلتزم بالحتمية الصارمة. التطور عملية عشوائية، حيث تكون الصدفة هي السمة الأهم وليس الضرورة. يعمل مبدأ الانتقاء الطبيعي على الاختلاف المتناحي ؛ فهو يميل إلى انتقاء الاختلافات المواتية والتخلص من الاختلافات غير المواتية. ولا ينبغي أن يساء فهم ذلك على أنه مصادفة عمياء عشوائية. إذ يجب أن يحافظ التطور على الاختلافات المواتية وأن يراكمها، ولكن مصير الكائن الحي دائما ما يكون تحت رحمة الطفرات الجينية العشوائية والقيود البيئية. يعمل التطور في سياق محلي على نحو صارم، تشكله بيئة متغيرة. ترك داروين قراءه في شك قليل حيال احتمالات التطور:

Unknown page