203

Al-shūrā fī al-sharīʿa al-islāmiyya

الشورى في الشريعة الإسلامية

Genres

ينتهي المتناقشون إلى رأي موحد، وهذا ما حصل بين أبي بكر وعمر ﵄ وغيرهما. ثم أورد الدكتور الزحيلي عدة ملاحظات نورد منها ما يلي:
أولًا: أنه يكره في الإسلام كرهًا شديدًا الاستبداد بالرأي لأنه يغمط حقوق الآخرين ويمس كرامتهم ووجودهم، وقد قال النبي ﵌ (الكبر بطر الحق وغمط الناس). (١)
ثانيًا: لا يسمح الإسلام للحاكم أن يحكم عن هوى أو أن يحكم حكمًا مطلقًا فذلك لا يأتي بخير.
ثالثًا: الإسلام وإن أوجب على الحاكم الالتجاء إلى الشورى لكنه لم يوجب عليه اتباع الرأي المشور به لما يرى من تقدير المصلحة العليا ولما يطلع عليه من آفاق الأحداث، مع ذلك للحاكم وضع تشريع أو نظام خاص تفصيلي يلتزم الحاكم بمقتضاه الأخذ برأي معين في مسائل معينة. (٢)
رابعًا: أن الوضع السائد في عصرنا حيث تعقدت المعلومات والمعارف وازدحمت وبعد الناس عن الإسلام في هديه ودستوره وفقهه ولم تتوافر مقومات الإجتهاد بضوابطه الشرعية في الحاكم فلم يبق أمامهم إلا التشاور وتبادل الآراء والخبرات للاهتداء إلى أرشد الأمور وإلا وقعوا في هوة الانهيار والضياع.
خامسًا: أن الحس المعاصر للبشرية هو الالتزام بحقوق الإنسان يفرض على الحاكم والدولة العناية بالمجالس الاستشارية وبالمؤسسات المختلفة التي تسهم في تحمل أعباء الدولة وأضحى بناء دولة المؤسسات هو شعار الدولة الحديثة. قال ابن خويز منداد: واجب على الولاة مشاورة العلماء وما أشكل عليهم من أمور الدين، ووجوه الجيش فيما يتعلق بالحرب، ووجوه الناس فيما يتعلق بالمصالح، ووجوه الكُتاب والوزراء والعمال فيما يتعلق بمصالح البلاد وعمارتها، قال وهذا دليل واضح على أن المراد بالعلماء ليس فقط علماء

(١) - أخرجه مسلم في صحيحه باب تحريم الكبر وبيانه حديث (٩١)، والترمذي باب ما جاء في الكبر حديث (١٩٩٩)، عن عبدالله بن مسعود ﵁، وغمط الناس هو ازدراؤهم واحتقارهم وكذلك غمسهم.
(٢) - أورد ذلك فضيلة الدكتور الزحيلي نقلًا عن مبدء الشورى في الإسلام للدكتور عبد الحميد متولي. ص٨٠.

1 / 242