Commentary on Gabriel's Hadith on Teaching Religion
شرح حديث جبريل في تعليم الدين
Publisher
مطبعة سفير،الرياض
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٤هـ/٢٠٠٣م
Publisher Location
المملكة العربية السعودية
Genres
لكن هذا التفريق قد جاء في بعض الأدلَّة ما يدلُّ على عدم صحَّته، قال الله ﷿: ﴿وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الأَوَّلِينَ﴾، وقال: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ﴾، وذلك يدلُّ على أنَّ النَّبيَّ مرسَلٌ مأمورٌ بالتبليغ، وقال: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ﴾ الآية، فهذه الآيةُ تدلُّ على أنَّ أنبياءَ بنِي إسرائيل من بعد موسى يَحكمون بالتوراة ويدعون إليها، وعلى هذا فيُمكن أن يُقال في الفرق بين الرسول والنَّبيِّ: إنَّ الرَّسولَ مَن أُوحي إليه بشرع وأُنزل عليه كتاب، والنَّبيَّ هو الذي أُوحي إليه بأن يُبلِّغ رسالةً سابقة، وهذا هو المتَّفق مع الأدلَّة، لكن يبقى عليه إشكال، وهو أنَّ من المرسَلين مَن وُصف بأنَّه نبِيٌّ رسول، كما قال الله ﷿ في نبيِّنا محمد ﷺ: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾، وقال: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ﴾، وقال في موسى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا﴾، وقال في إسماعيل: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا﴾، ونبيُّنا محمد ﷺ نَزَل عليه الوحيُ أوَّلًا ولم يُؤمَر بالتبليغ، ثم أُمر بعد ذلك بالتبليغ بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ﴾، ولهذا قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ﵀ في الأصول الثلاثة: "نُبِّئ بـ ﴿اقْرَأْ﴾، وأُرسل بـ ﴿الْمُدَّثِّرُ﴾ "، وعلى هذا فيُقال: النَّبيُّ مَن أُوحي إليه ولم يُؤمَر بالتبليغ في وقت ما، أو أُمر بأن يبلِّغ شريعة سابقة، أو يُقال: النَّبيُّ يُطلق عليه الرسول، والرسول يُطلق عليه النَّبي.
1 / 36