19

Ciyar Shicr

عيار الشعر

Investigator

عبد العزيز بن ناصر المانع

Publisher

مكتبة الخانجي

Publisher Location

القاهرة

وَقَالَ بعضُ الفَلاسِفَة: " إنَّ للنَّفْس كلماتٍ روحانيةً من جِنْسِ ذَاتهَا ". وجَعَل ذَلِك بُرْهَانًا عَلَى نَفْعِ الرُّقى ونجعِهَا فِيمَا تُسْتَعْمَلُ لَهُ. فَإِذا ورَدَ عَلَيْك الشِّعْرُ اللّطِيفُ المعْنَى، الحُلْوُ اللَّفظِ، التَّامُ البَيَان، المعَتدلُ الوَزْنِ مَازَجَ الرُّوحَ ولاءَمَ الفَهْمَ، وَكَانَ أنْفَذَ من نَفْثِ السِّحر، وأخْفَى دبيبًا من الرُّقى، وأَشَدَّ إطْرَابًا من الغِنَاء، فَسَلَّ السَّخائمِ، وحَلَّل العُقَد، وسَخَّى الشَّحيحَ، وشَجَّعَ الجَبَانَ، وكانَ كالخَمْرِ فِي لُطْفِ دَبيبه وإلهائِهِ، وهَزِّهِ، وإثارَتهِ. وَقد قَالَ النَّبِيُّ -[ﷺ]-: " إنّ من البَيَان لسِحْرًا ". ولِحُسْنِ الشّعر وقُبولِ الفَهْم إياهُ عِلّةٌ أخْرَى؛ وَهِي موافَقَتُه للْحَال الَّتِي يُعَدُّ معناهُ لَهَا كالمَدْحِ فِي حَالِ المُفَاخَرة وحُضور من يُكْبَتُ بإنشادِهِ من الأعْداءِ وَمن يُسَرُّ بِهِ من الأوْلياءِ. وكالهجاءِ فِي حَال مُبَاراة المُهَاجَى والحَطَّ مِنْهُ حَيْثُ يَنْكى فِيهِ استماعه لَهُ. وكالمَراثيِ فِي حَال جَزَعِ المُصَاب وتَذَكُّرِ مَنَاقبِ المفَقْود عِنْد تأْبينهِ والتَّعْزيةِ عَنهُ.

1 / 23