[أهمية الإمامة ومكانتها في علم أصول الدين]
أما بعد: فإن أولى ما اشتغل به فكر الناظر(1)، وكدت في إدراك مطلوبه الخواطر، علم الأصول الذي هو الأساس لسائر العلوم، إذ أكثرها يقتصر فيه على الوهوم، وهو العلم بالله تعالى وبصفاته وما يجوز عليه وما لا يجوز، والعلم بأفعاله وأحكام أفعاله وما يجوز عليه وما لا يجوز، والعلم بالنبوة من جملة الأفعال، ومن نفائس حكم ذي الجلال، لأن الأنبياء عليهم السلام هم الوصلة بين الله تعالى وبين عبيده، المفصلين لمعاني وعده ووعيده، المبشرين المنذرين، الهادين المبصرين ، المؤمنين المحذرين، سلام الله عليهم أجمعين، وإذا كان ذلك كذلك فلا بد لشرعهم الذي شرعوه من حام له وداع إليه، ومبين له وحامل عليه، قال سبحانه، وهو ذو المن والإياد: {إنما أنت منذر ولكل قوم هاد}[الرعد:7]، فالنبي صلى الله عليه [وآله](2) هو المنذر، والهادي هو الإمام القائم من ذريته سلام الله عليهم [أجمعين](3)، وقد ذكرنا وذكر من تقدمنا من آبائنا عليهم السلام، وفرسان علماء أهل الإسلام، في العدل والتوحيد، وما يتبعهما من الوعد والوعيد، والنبوة والإمامة ما يشفي صدور الطالبين، وينفع غلة الراغبين، فمن طلب ذلك فهو موجود، وحوضه للراغبين طفحان مورود، لا يوجد عنه مجلأ، ولا مصدود.
Page 25