191

Ciqd Thamin

العقد الثمين في تبيين أحكام الأئمة الهادين

قلنا: لايجوز أن يتعلق بظهوره في تلك المدة مصلحة بل لايمتنع أن يكون ظهوره عليه السلام في تلك الحالة ينافي المصلحة، ولهذا مرت أعصار كثيرة لانبي فيها لارتفاع المصلحة الدينية في ذلك، وهذا من الغيب الذي لايعلمه إلا الله، وكما تجوز غيبته في تلك الحال تجوز إمامته وأنتم لاتقولون بهذا في الإمام، ولأن الغيبة القليلة لاتساوي الكثيرة فيما نعلم في المشاهدة، لأن الرئيس المهيب متى غاب غيبة يسيرة لم يمتنع أن تكون هيبته في القلوب أعظم من هيبته حال حضوره، فإن غاب غيبة طويلة، وتمكن فيها عدوه من كل مراد فإن ذلك يسقط هيبته فيما يعلمه العقلاء، وينسبونه إلى الإهمال، أو إلى العجز المنافي للهيبة الموجبة للتعظيم والإجلال.

فإن قال: يجب بقاء الإمام للحاجة إليه لأجل جواز الخطأ على الأمة فلا بد من إمام معصوم يردهم إلى الصواب.

قلنا: قد ثبت وجوب تكليفهم مع غيبته عندكم، وفقد التنبيه، والرد عن الخطأ؛ فهلا ثبت التكليف مع موته.

فإن قالوا: تجويز الأمة لظهوره في كل زمان تحصل به فائده لاتكون مع الموت.

قلنا: وتجويزهم لإحياء الله له بعد موته لأنهم يقولون بالرجعة، أو [أن](1) يقوم إمام غيره يجري هذا المجرى، ولأن تجويز خروج الإمام لايمنع الخطأ، ولأنهم قالوا في تصانيفهم: الإمام يستأنف، ويطرح ما مضى، وهذا بنفسه يغري بالمعاصي، والاتساع فيها، فإذا خرج الإمام استأنف أحوال الناس، وأهمل الماضي فتكون غيبته على هذه الصورة إغراء بالمعاصي، ولأن كل ما استدلوا به على نفي قول الكيسانية، والمغيرية، والمنصورية، والناووسية، والواقفية، وغيرهم ممن ذكره يؤدي إلى الاسهاب الذي حرسنا منه هذا الكتاب، فهي الدليل على نفي قولهم.

فإن قالوا: إن [أولئك](2) انقرضوا.

Page 269