Ciqd Thamin
العقد الثمين في تبيين أحكام الأئمة الهادين
Genres
وروى بعضهم أن بعض فضلائهم حمل أرضا له على ظهره خاف أن يغتصبها الظالم إلى جهة أخرى، وبعضهم قمس في إناء وضوءه فسلم من الأعداء، إلى غير ذلك من هذه الترهات التي لو أوردنا(1) استقصاء ماعلمناه منهم في هذا الباب، احتجنا إلى كتب جمة فضلا عن كتاب، وهذا قليل من كثير، وهم مطبقون للدنيا ومطبقون على هذا في كل قطر.
فأما الكرامات من الله تعالى لأوليائه فهي معلومة لآل الحسن عليهم السلام كما تعلم لآل الحسين عليهم السلام من استجابة الدعوة، وتفريج الكربة، وظهور فضائل جمة هي مذكورة في سيرهم عليهم السلام، ولا يعد ذلك معجزا.
فإن قالوا: إن ذلك معجز، فليقولوا بإمامة من نفوا إمامته من ولد الحسن، والحسين عليهم السلام، وإن قالوا: إن الإمام لطف، وكان المنع في ظهوره من قبل الأمة.
قلنا: لابد إما من حصول اللطف، أو من التمكين منه كما نعلم أن الله تعالى قد مكن الكافر من المعرفة فأتي من قبل نفسه في ترك الإستدلال، وليس كذلك الإمام، [فإنا](2) نحن والإمامية في نهاية مايكون من طلب الإمام على الوجه الذي ذكروه بكل وجه فما تمكنا نحن ولا هم من ذلك، فهل يجوز حصول لطف لاطريق للمكلفين إليه، ولا يفعله الله تعالى ابتداء؟ هذا مالم يقل به أحد من أهل العلم، وقد تقرر من مذهب أهل العلم بالأصول أن اللطف إذا وقف على فعل الغير، وعلم الله أن ذلك الغير لايفعل ذلك الفعل فإن الله تعالى لايتعبد المكلف بذلك التعبد إلا أن يكون قد فعل له مايقوم مقامه إن كان ذلك في المعلوم، وأهل المعرفة بالأصول منهم لاينكرون هذه الجملة.
قالوا: فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد غاب في الغار فإذا جوزتم ذلك في المدة القصيرة فجوزوه في المدة الطويلة.
Page 268