189

Ciqd Thamin

العقد الثمين في تبيين أحكام الأئمة الهادين

ومنهم من قال: يعرفهم المنافع، والمضار، والسموم، والأغذية، قلنا لهم: المنافع، والمضار قد عرفناها الباري سبحانه بإكمال العقول، والسموم والأغذية كفت بالإحتراز منها التجارب، والمعنيون بذلك من الأطباء، ولأنا نعلم أن كثيرا من البهائم أقوى أجساما، وأمد خلقا، وأستمر صحة، ولا إمام لها يميز لها بعض الأجسام من بعض فإن قيل: كفاها الإلهام.

قلنا: فهلا كفتنا العقول، وقد أبطلنا قولهم بالعصمة، وقولهم بظهور المعجز على الأئمة عليهم السلام بما تقدم فانتقض دليلهم ؛ لأنهم قالوا: قد ثبت شرط المعجز، والعصمة، ولا نجدها في من أدعى الإمامة فيجب أن يكون غائبا مستورا إذ لايجوز خلو الوقت من إمام.

قلنا: أما العصمة فإنا نجد من آل الرسول سلام الله عليهم من لايعلم منه الكبيرة من حال(1) طفوليته إلى كبره، ولقاء ربه، فإن جعلت هذا [علة](2) العصمة فأكثر أئمة الزيدية عليهم السلام، بل كلهم معصومون فيما نعلمه، وإن(3) قلتم: لابد أن نعلم باطنه فلا سبيل إليه في الذين عينتم، ولا في غيرهم، بل قد رويتم عن الأئمة الذين ادعيتم عصمتهم ما ينافي روايتكم من أنهم نطقوا بالكذب، وجوزوا على الله البداء وهو كفر من معتقده، وجوزوا الرجعة، وهو خلاف المعلوم من دين النبي صلى الله عليه وآله وسلم ضرورة.

وأما المعجز فلا سبيل إلى تصحيحه، وإن كنتم قد رويتموه فقد روى غيركم لمن علم خلافه منه أكثر من ذلك، فما الموجب لقبول ما رويتم دون غيركم، وأنتم لاتدعون لأنفسكم عصمة؟ هذه المجبرة المدبرة قد روت لفقهائها، وصوفتها(4) ما لاتتسع الأوراق له حتى أن الواحد منهم يحج من مسيرة شهر في ليلة واحدة يقطع المسافة، ويستتر(5) ببعض الأشجار، وينبع له الماء، ويتطهر، ويقيم الدهر الأطول لايأكل ولا يشرب.

Page 267