وأما مع تباعد الأوطان في الأقاليم البعيدة، والأمصار المتفاوتة في البعد، ففيه مذهبان: المنع وهو رأي العترة والمعتزلة، والأشعرية والخوارج، والفقهاء، ويحكى عن المؤيد أخرا لأن المقصود إقامة قانون الدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذا يحصل بواحد، وأمره في الأقاليم البعيدة ينفذ بإنفاذ الولاة والقضاة والكتب والرسل، كما كان في أزمنة الخلفاء، وتجويز الإمامين في وقت واحد، هو رأي المؤيد بالله -عليه السلام-.
أولا: ومحكى عن الجاحظ، وعباد الصيمري، وحكاه الشيخ أبو القاسم في كتاب (المقالات) عن قوم من التابعين، وهو محكي عن الناصر، وهذا هو المختار.
قال -عليه السلام-: وعليه يحمل ما كان من الإمامين، الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين، والناصر عليهما السلام، لما كانا في الأماكن المتباعدة، والأقاليم المتباينة، فإن اتفق اجتماعهما وجب على المفضول تسليم الإمامة للأفضل منهما.
وحكي عن الناصر -عليه السلام- أنه إن لم يفعل فسق لأن غرضه الدنيا وإحراز الملك على الإنفراد، وهو خلاف الدين احتج المانعون بإجماع الصحابة، وبرد ما قالته الأنصار،حيث قال عمر بن الخطاب: سيفان في غمد إذا لا يصلحا[ن] وكان ذلك بمحضر جمع كثير من الصحابة، وبلغ الباقين ولم ينكره أحد فكان إجماعا لأن المسألة قطعية، فقول البعض فيها بقول وسكوت الآخرين مع علمهم به يكون إجماعا وصوابا، إذ لو لم يكن كذلك كانت الأمة قد أجمعت على الخطأ. هكذا قرره القاضي عبد الله بن حسن الدواري.
Page 70