قلت: وهذا الاحتجاج، وممن ذكره الإمام المهدي لدين الله -عليه السلام- لا يتهيأ على ما رجحناه من تفسير الأفضل، بأنه جامع الشروط مع زيادة على القدر المعتبر منها، وإنما تهيأ على غيره من التفاسير. والله سبحانه أعلم.
واحتج مجوزوا إمامة المفضول، بجعل عمر الأمر شورى بين ستة متفاوتين في الفضل، وقال أبو بكر: وليتكم ولست بخيركم، ويمكن أن يجاب بأن عمر بن الخطاب ربما اعتقد تساويهم، وبأن كلام أبي بكر على جهة التواضع، وهضم النفس، كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا تفضلوني على يونس بن متى )).
وقد ادعى بعض أصحابنا الإجماع على اعتبار الأفضل، وقال صاحب (أنوار اليقين)، لا خلاف في ذلك، واختلاف الصحابة في الأئمة الأربعة إنما كان لاختلافهم في الأفضل.
قلت: دعوى الإجماع فيه مجازفة، والخلاف مشهور مأثور، منذ زمن الصدر الأول، يدل عليه قول عمر: لو كان سالم مولى أبي حذيفة حيا ما خالجتني فيه الشكوك، وعلي -عليه السلام- ووجوه العشرة وغيرهم من فضلاء الصحابة موجودون.
ويتصل بهذا الكلام ذكر فوائد:
الفائدة الأولى: تترتب على ما فسرنا به الأفضل، يقال: لو وجد اثنان أو ثلاثة أو أكثر مختلفين في الأفضلية، فأفضلية هذا بزيادة في التدبير وهذا بفصاحة وبلاغة وغير ذلك، فكل منهم أفضل باعتبار معنى من تلك المعاني برز فيه وبذ الأقران في تعاطيه ما المعمول عليه حينئذ والأقرب والله اعلم أنه يرجع إلى ترجيح أهل الحل والعقد، في هذه الأمور المتعارضة، ويتوخون ما هو الأرجح والأصلح في الأمور المقصودة بالإمامة، وما أداهم نظرهم إليه عملوا عليه.
Page 65