واحتج من لا يجيز إمامة المفضول بتحري الصحابة -رضى الله عنهم- للأفضل، وفزعهم إلى عد الفضائل، وقول عمر بن الخطاب لأبي بكر حين قال: بايعوا أحد الرجلين، يعني عمر وأبا عبيدة: أتقول هذا وأنت حاضر، ولأن الإمام قدوة في الدين لجميع المسلمين فمن حق القدوة أن يكون أكمل ممن يقتدي به فيما هو قدوة فيه، إذ لا يحسن أن يقتدي الأكمل بمن هو دونه، وجوب الاقتداء أنها تلزمهم طاعته، ويلتزمون اجتهاده إذا وقع منه إلزام.
قال الإمام المهدي -عليه السلام-: وكافيك أن الإمام قائم مقام الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- في موارده ومصادره، ومن حق من يخلف رجلا في أعماله أن يكون أقرب الناس شبها به في تأدية تلك الأعمال، وإلا عاد الغرض في استخلافه مكانه ليقوم مقامه بالنقص والإبطال، وكلما كمل فضل رجل قرب شبهه بالرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- ويبعد عن الشبه بنقصان الفضل، وقد بالغت الإمامية، وكذلك الجارودية من الزيدية فزعموا أن إمامة المفضول لا تصح.
ولو لعذر مانع عن قيام الأفضل وهو غير صحيح فإن المفضول إذا كان أصلح وأرجح في قيامه بالمصالح المقصودة من الإمامة، فهو أولى رعاية للأصلح، يوضح ذلك أن الأفضل لو كان أعمى لم يصلح أن يقام لهذا الأمر، وكذا لو اختل فيه شرط كالشجاعة والتدبير وعلى ما قاعدتهم يستد حينئذ باب الإمامة إذ الأفضل غير صالح ووجوده مانع عن قيام المفضول الصالح.
Page 64