قال: ويعبر عن الفضل باستحقاق الثواب والأفضل الأبلغ في ذلك وليس بمراد هنا إذ لا طريق إليه إلا الوحي. والله أعلم.
قلت: والذي يلوح لي ويقوى عند التأمل، أن المقصود بالفضل الزيادة في خصال الخير، وإحراز الفضائل، وأن الأفضل من كان أدخل في تحصيل الشروط، وهي فيه أوفر وأظهر، ففي العلم بأن يكون أعلم من غيره محرزا من العلم فوق ما يشترط في الاجتهاد، وفي الورع أن يكون شديدا في المبالغة فيه، بحيث يكون يترك بينه وبين المحرمات أشياء ليست بمحرمة بعدا منها وآخذا في التحرز عنها.
وفي الشجاعة أن يكون له من الإقدام وحسن التلاقي في الحروب، ما يزيد على ذلك القدر المعتبر.
وفي السخاء كذلك، وفي التدبير كذلك، بحيث يكون له من الألمعية والفراسة وحسن السياسة فوق ما سبق اشتراطه واعتباره.ه.
وفي سلامة الحواس والأطراف، وصحتها وحدتها، وقوتها وبسطة الجسم ما يزيد على ما لا بد منه، وكالتدبير في البلاغة والبيان، والنظم والنثر، والخطابة والكتابة، وحلاوة اللسان، ومكارم الأخلاق، كالبشر، وترك الكبر، وشدة التواضع، وإنصاف الأتقياء، وشدة الشكيمة على الأشقياء ونحو ذلك.
هذا هو معنى الفضل والأفضل، فهذا المعنى من هو أدخل فيما ذكر وأكثر أخذا منه وتخلقا به.
فإذا عرفت ذلك فلا ينبغي أن يعد الفضل شرطا مستقلا، إذ المشترط والمعتبر من الشروط تحصيل معنى الاجتهاد، والورع، والشجاعة، والسخاء، ونحو ذلك.
ولا يشترط زيادة على القدر المعتبر، وإنما ينبغي على هذا أن يكون محط الفائدة، ومحل النزاع أنه هل يشترط أن يكون أفضل أولا؟
Page 62