وأما مذهب الجمهور فاستدلوا عليه بالإجماع، قال الإمام يحيى بن حمزة: الإجماع ينعقد على وجوب كون الإمام مجتهد في علوم الشريعة، ليكون متمكنا من الفتاوى فيما تعرض من الحوادث والوقائع التي ترد عليه، فيعمل فيها برأيه ويفتي بما صح عنده. انتهى.
وقال بعضهم: الأحكام المنوطة بالإمام، فيها استباحة الفروج والدماء والأموال والفيئ والغنائم، وفيها من لطيف الأحكام وغامض المسائل ما لا يدرك إلا بالاجتهاد، ولا يزال يتجدد على مر الأوقات، حادثة بعد حادثة، فلو كان غير مجتهد، ولا يشتغل في العلم بها بنفسه وقع في حيرة ولبس ولم يدر ما يأتي ويذر، وإذا فرض مقلد فرجوعه إلى من قلده قد يتعذر في بعض الأحوال، فإن أقدم حينئذ أو أحجم بغير بصيرة ففيه إثم كبير وفساد كثير، وإن ترك تلك الأحكام متعطلة من حكم الله تعالى انتقض الغرض المقصود منه، واحتج في (الغايات) بالإجماع، وذكر أن علماء الزيدية والمعتزلة وجل المجبرة نقلوا في مصنفاتهم وصرحوا بأنه وقع (الاتفاق) على اعتبار الاجتهاد، وعدم صحة الإمامة مع غيره كالبلوغ والعقل، وذكر ما نص عليه السيد صاحب (شرح الأصول)، من كونه لا خلاف فيه وإنما حكى الخلاف في اشتراط الاجتهاد القاضي واستبعده أيضا وتأوله.
Page 55