هكذا فسر الإمام يحيى -عليه السلام- هذا الشرط، وهو تفسير حسن، وهو بمعنى ما ذكره غيره، ونص عليه الناصر للحق -عليه السلام- وكثير من المتكلمين، وأما ما روي عن الهادي إلى الحق -عليه السلام-: إن معنى الشجاعة، أن يحمل على الألوف، ويخلط الصفوف بالصفوف، لا يهاب الجمع والإقدام، عليه قلوا أو كثروا، فلعله -عليه السلام- أراد التعريف بأبلغ أنواع الشجاعة وغاية الأمر فيها، ويبعد أن يجعل مثل هذا شرط ولو حكم باشتراطه لقدح ذلك في إمامة كثير من الأئمة المعتبرين، وقل ما يكون الإنسان على هذه الحالة، ووجه اشتراط الشجاعة إن لو لم يكن الإمام كذلك لم يؤمن أن ينهزم حال ملاقات العدو لجبنه ودهشه، وفي ذلك وهن في الدين وتقوية لأمر المعاندين، وقد قال تعالى: {ومن يولهم يومئذ دبره }[الأنفال: 16] الآية، فكيف يكون حال الإمام إذ آل إلى هذا المآل، ولأن الجبن يصد عن أمر الحرب وتدبيره على وجه يقع به نكاية العدو، وعن إقامة الحدود، وتنفيذ الأحكام على كبراء الناس وعظمائهم، وهذا يخالف الغرض بالإمامة.
وأما التدبير وحسن السياسة، قيل (المهدي)لا: وحقيقة التدبير معرفة الطرق، التي يتوصل بها إلى الأنواص على وجه لا ينكره من عرف وجه سلوكها توصل، لو بها أقرب ما يتوصل به ذلك الطالب إلى ذلك المطلوب بحسب حاله وسواء وصل إليه أو لا؟
Page 49