قال الإمام يحيى: لأنه إذا كان باحراز منصب الإمامة أفضل الخلق، فينبغي أن يكون أقوم الخلق في حق الله تعالى وأطوعهم له وأعظمهم منزلة عنده، ولا يتعاطى مثل تلك المباحات والصغائر المستخفة، مما تقل المهابة، وتسقط المرتبة، وتطرد التهمة في الدين، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقفن مواقف التهم.
قال الإمام يحيى بن حمزة -عليه السلام-: وأما الورع فهو ملاك الصفات وعليه التعويل في أكثر تصرفات الإمام فإنه مهما كان ورعا عن الوقوع في المحرمات كانت أموره وتصرفاته جارية على قانون الشريعة المطهرة من غير مخالفة فيأخذ الأموال من حلها ومن حيث أمر الشرع بأخذها منه ويضعها في مواضعها.
قلت: والأصحاب يحتجون بقوله تعالى: { قال لا ينال عهدي الظالمين }[البقرة: 124] في جواب إبراهيم -عليه السلام-، ووجه الاحتجاج بها مذكور في (الكشاف) وغيره من كتب الكلام وفيه كفاية.
وأما السخاء فالمعتبر منه، أن يضع الأموال في وجوهها، ولا يبخل بها عن ذلك، ولا يستأخر بها بخلا وضنة.
قال الإمام يحيى بن حمزة: ولا يقدح في ذلك أن يدخر شيئا من الأموال لنائبة من النوائب، وحادثة من الحوادث، تنجم عليه من الظلمة والبغاة فينفقها فيها.
Page 47