قال الإمام يحيى بن حمزة: وظاهر كلامه هذا فيه دلالة على أنه يذهب إلى أن العقد طريق إلى ثبوت الإمامة، لمن عقد له، خلا أنه يمكن تصوير الخلاف بيننا، وبين من خالف، بأن يقال: فلو قام من هو صالح للإمامة، ودعى ولم تعقد له فهل تصح إمامته، أو لا؟ فعلى قولنا تصح، وعلى قولهم لا تصح.
قال: وما قاله أصحابنا من اعتبار الدعوة في طريق الإمامة قوي من جهة الشرع لإجماع العترة عليه وضعف دعوى الإجماع على كون الاختيار طريقا للإمامة، وما ذكره م بالله -عليه السلام- قوي من جهة النظر فإن عليه عمل الصحابة فيما فعله عمر ورضوه وسكتوا عليه، قال: ولا يقال: إن المؤيد بالله مخالف للإجماع بمخالفة القولين المتقدمين فقائل يعتبر بانعقاد الإمامة الدعوة لا غير، وقائل يعتبر في انعقادها العقد والإختيار من غير زيادة.
فإذا قال المؤيد: لا يمتنع فيمن عقد له الخمسة، وكان جامعا للخصال المعتبرة في الإمامة، أن يكون العقد طريقا إلى إقامته، كان هذا القول قولا ثالثا مخالفا الإجماع، لأنا نقول: هذا فاسد لأمرين:
أما أولا: فلان إحداث القول الثالث لا يكون خرقا للإجماع، كما قررنا في الكتب الأصولية.
وأما ثانيا: فلأن جمعه بين العقد والاختيار والدعوة، يكون قوة لا محالة، وزيادة وثاقه، في طريق الإمامة، فما كان هذا حاله، لا يمنع منه، فلا وجه للتشنيع على المؤيد بالله -عليه السلام- فيما ذهب إليه.
Page 24