Cinaya Sharh Hidaya
العناية شرح الهداية
Publisher
شركة مكتبة ومطبعة مصفى البابي الحلبي وأولاده بمصر وصَوّرتها دار الفكر
Edition Number
الأولى
Publication Year
1389 AH
Publisher Location
لبنان
Genres
Ḥanafī Law
بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ لِأَنَّ التُّرَابَ غَيْرُ مُطَهِّرٍ إلَّا فِي حَالِ إرَادَةِ الصَّلَاةِ، أَوْ هُوَ يُنْبِئُ عَنْ الْقَصْدِ (وَيَسْتَوْعِبُ رَأْسَهُ بِالْمَسْحِ) وَهُوَ سُنَّةٌ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: السُّنَّةُ التَّثْلِيثُ بِمِيَاهٍ مُخْتَلِفَةٍ اعْتِبَارًا بِالْمَغْسُولِ. وَلَنَا أَنَّ أَنَسًا ﵁ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَاحِدَةً وَقَالَ: هَذَا وُضُوءُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
ــ
[العناية]
أَوْ لَا كَالثَّوْبِ النَّجِسِ وَكَمَا فِي حَقِّ الْإِرْوَاءِ، بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ فَإِنَّ التُّرَابَ لَمْ يُعْقَلُ مُطَهِّرًا طَبْعًا فَلَمْ يَبْقَ فِيهِ إلَّا مَعْنَى التَّعَبُّدِ وَلَا تَعَبُّدَ بِدُونِ النِّيَّةِ. فَإِنْ قِيلَ فِي الْوُضُوءِ مَسْحٌ وَالْمَسْحُ لَمْ يُعْقَلْ مُطَهِّرًا طَبْعًا فَيُحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ.
أُجِيبَ بِأَنَّ مَسْحَ الرَّأْسِ مُلْحَقٌ بِالْغَسْلِ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ وَانْتِقَالِهِ إلَيْهِ بِضَرْبٍ مِنْ الْخُرْجِ. وَقَوْلُهُ: (أَوْ هُوَ يُنْبِئُ عَنْ الْقَصْدِ) فَلَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِهِ قِيلَ يَعْنِي أَنَّ التَّيَمُّمَ يُنْبِئُ عَنْ الْقَصْدِ وَالنِّيَّةُ هِيَ الْقَصْدُ فَلَا يَتَحَقَّقُ التَّيَمُّمُ بِدُونِ الْقَصْدِ أَيْ النِّيَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يُنْبِئُ عَنْ الْقَصْدِ لُغَةً، وَالْقَصْدُ الَّذِي هُوَ النِّيَّةُ إنَّمَا هُوَ قَصْدٌ خَاصٌّ، وَهُوَ قَصْدُ إبَاحَةِ الصَّلَاةِ، وَالْأَعَمُّ لَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى الْأَخَصِّ؛ وَلِأَنَّ الْأَوَّلَ مَدْلُولُ اللَّفْظِ، وَالثَّانِي فِعْلُ الْقَلْبِ وَلَا دَلَالَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ (قَوْلُهُ: وَيَسْتَوْعِبُ رَأْسَهُ بِالْمَسْحِ) أَيْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَوْعِبَ رَأْسَهُ بِالْمَسْحِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْقُدُورِيُّ، وَقَوْلُهُ: (وَهُوَ سُنَّةٌ) يَعْنِي عَلَى اخْتِيَارِهِ، وَصِفَةُ الِاسْتِيعَابِ أَنْ يَبُلَّ يَدَيْهِ وَيَضَعَ بُطُونَ ثَلَاثِ أَصَابِعَ مِنْ كُلِّ كَفٍّ عَلَى مُقَدَّمِ الرَّأْسِ، وَيَعْزِلُ السَّبَّابَتَيْنِ وَالْإِبْهَامَيْنِ وَيُجَافِي الْكَفَّيْنِ وَيَجُرَّهُمَا إلَى مُؤَخِّرِ الرَّأْسِ، ثُمَّ يَمْسَحُ الْفَوْدَيْنِ بِالْكَفَّيْنِ وَيَجُرُّهُمَا إلَى مُقَدَّمِ الرَّأْسِ، وَيَمْسَحُ ظَاهِرَ الْأُذُنَيْنِ بِبَاطِنِ الْإِبْهَامَيْنِ وَبَاطِنَ الْأُذُنَيْنِ بِبَاطِنِ السَّبَّابَتَيْنِ، وَيَمْسَحُ رَقَبَتَهُ بِظَاهِرِ الْيَدَيْنِ حَتَّى يَصِيرَ مَاسِحًا بِبَلَلٍ لَمْ يَصِرْ مُسْتَعْمَلًا، هَكَذَا رَوَتْ عَائِشَةُ مَسْحَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
(وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: السُّنَّةُ التَّثْلِيثُ بِمِيَاهٍ مُخْتَلِفَةٍ)؛ لِأَنَّهُ رُكْنٌ فِي الْوُضُوءِ، فَكَانَ التَّثْلِيثُ فِيهِ سُنَّةً كَغَسْلِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ (وَلَنَا أَنَّ «أَنَسًا ﵁ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَمَسَحَ رَأْسَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَقَالَ: هَذَا وُضُوءُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ») وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَمُعَاذٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَالْبَرَاءِ وَأَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ مِثْلُ ذَلِكَ.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَالْعَمَلُ
1 / 33