وَقِيلَ هُوَ سُنَّةٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ﵀ جَائِزٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، لِأَنَّ السُّنَّةَ إكْمَالُ الْفَرْضِ فِي مَحَلِّهِ وَالدَّاخِلُ لَيْسَ بِمَحَلِّ الْفَرْضِ.
ــ
[العناية]
الْفَرْضِيَّةَ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ، وَأَمَّا إذَا أَفَادَ الْوُجُوبَ فَلَا مَانِعَ عَنْهُ كَخَبَرِ الْفَاتِحَةِ. وَالْحَقُّ أَنَّ الْوُجُوبَ يَثْبُتُ بِالْمُوَاظَبَةِ مِنْ غَيْرِ تَرْكٍ وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ: مَا رُوِيَ أَنَّ «النَّبِيَّ ﷺ أَخَذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ خَلَّلَ بِهِ لِحْيَتَهُ وَقَالَ بِهَذَا أَمَرَنِي رَبِّي»، لَمْ يَثْبُتْ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً. وَعَنْ هَذَا نَقَلَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: مَسْحُ اللِّحْيَةِ جَائِزٌ لَيْسَ بِسُنَّةٍ.
وَمَعْنَى قَوْلِهِ جَائِزٌ أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يُنْسَبُ إلَى الْبِدْعَةِ، وَهُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ مُحَمَّدٍ ﵀ كَمَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ، وَقَوْلُهُ: (؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ) يَعْنِي فِي الْوُضُوءِ (إكْمَالُ الْفَرْضِ فِي مَحَلِّهِ وَالدَّاخِلُ) أَيْ دَاخِلِ اللِّحْيَةِ (لَيْسَ بِمَحَلِّ الْفَرْضِ) لِعَدَمِ وُجُوبِ إيصَالِ الْمَاءِ إلَيْهِ بِالِاتِّفَاقِ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ سُنَّتَانِ، وَدَاخِلُ الْفَمِ وَالْأَنْفِ لَيْسَ مَحَلَّ الْفَرْضِ فِي الْوُضُوءِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْفَمَ وَالْأَنْفَ مِنْ الْوَجْهِ مِنْ وَجْهٍ؛ إذْ لَهُمَا حُكْمُ الْخَارِجِ مِنْ وَجْهٍ، وَالْوَجْهُ