172

Al-ʿInāya sharḥ al-Hidāya

العناية شرح الهداية

Publisher

شركة مكتبة ومطبعة مصفى البابي الحلبي وأولاده بمصر وصَوّرتها دار الفكر

Edition

الأولى

Publication Year

1389 AH

Publisher Location

لبنان

(وَدَمُ الِاسْتِحَاضَةِ) كَالرُّعَافِ الدَّائِمِ لَا يَمْنَعُ الصَّوْمَ وَلَا الصَّلَاةَ وَلَا الْوَطْءَ لِقَوْلِهِ ﵊ «تَوَضَّئِي وَصَلِّي وَإِنْ قَطَرَ الدَّمُ عَلَى الْحَصِيرِ» وَإِذَا عُرِفَ حُكْمُ الصَّلَاةِ ثَبَتَ حُكْمُ الصَّوْمِ وَالْوَطْءُ بِنَتِيجَةِ الْإِجْمَاعِ (وَلَوْ زَادَ الدَّمُ عَلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ) وَلَهَا عَادَةٌ مَعْرُوفَةٌ دُونَهَا رَدَّتْ إلَى أَيَّامِ عَادَتِهَا،
ــ
[العناية]
قَالَ (وَدَمُ الِاسْتِحَاضَةِ كَالرُّعَافِ) كَلَامُهُ وَاضِحٌ. وَقَوْلُهُ: (بِنَتِيجَةِ الْإِجْمَاعِ) قِيلَ: أَيْ بِدَلَالَتِهِ، وَتَقْرِيرُهُ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَهُوَ يُوجِبُ وُجُوبَ الصَّوْمِ وَحِلَّ الْوَطْءِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَمَّا جَعَلَ الدَّمَ عَدَمًا فِي حَقِّ الصَّلَاةِ مَعَ الْمُنَافَاةِ الثَّابِتَةِ بَيْنَهُمَا لِكَوْنِهِ مُنَافِيًا لِشَرْطِهَا فَلَأَنْ يُجْعَلَ عَدَمًا فِي حَقِّ الصَّوْمِ وَالْوَطْءِ اللَّذَيْنِ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا أَوْلَى. قَالَ فِي الْكَافِي: تَفْسِيرُ نَتِيجَةِ الْإِجْمَاعِ بِدَلَالَتِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ لَفْظًا وَلَا مَعْنًى، وَالتَّفْسِيرُ بِالْحُكْمِ أَشَدُّ طِبَاقًا.
قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْعَزِيزِ: قَدْ يَجُوزُ أَنْ تُسَمَّى نَتِيجَتُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ دَلَالَةَ النَّصِّ أَوْ الْإِجْمَاعِ لَا تَكُونُ إلَّا بِهِ وَيَسْتَحِيلُ أَنْ تَثْبُتَ قَبْلَهُ فَكَأَنَّهَا نَتِيجَتُهُ، وَالنَّصُّ وَالْإِجْمَاعُ أَصْلٌ، وَلَوْ فَسَّرَ بِالْحُكْمِ لَأَوْهَمَ أَنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَيْهِ قَصْدًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلِذَلِكَ فُسِّرَتْ بِالدَّلَالَةِ. وَقَوْلُهُ: (وَلَوْ زَادَ الدَّمُ عَلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ) تَعَرُّضٌ مِنْهُ لِمَا هُوَ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الدَّمَ إذَا زَادَ عَلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَلَهَا عَادَةٌ مَعْرُوفَةٌ دُونَ الْعَشَرَةِ (رُدَّتْ إلَى أَيَّامِ عَادَتِهَا) بِاتِّفَاقِ أَصْحَابِنَا.
وَأَمَّا إذَا زَادَ عَلَى عَادَتِهَا الْمَعْرُوفَةِ دُونَ الْعَشَرَةِ فَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ فَذَهَبَ أَئِمَّةُ بَلْخِي إلَى أَنَّهَا تُؤْمَرُ بِالِاغْتِسَالِ وَالصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ حَالَ الزِّيَادَةِ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْحَيْضِ وَالِاسْتِحَاضَةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ انْقَطَعَ الدَّمُ قَبْلَ الْعَشَرَةِ كَانَ حَيْضًا، وَإِنْ جَاوَزَ الْعَشَرَةَ كَانَ اسْتِحَاضَةً فَلَا تَتْرُكُ الصَّلَاةَ مَعَ التَّرَدُّدِ.
وَقَالَ مَشَايِخُ بُخَارَى: لَا تُؤْمَرُ بِالِاغْتِسَالِ وَالصَّلَاةِ؛ لِأَنَّا عَرَفْنَاهَا حَائِضًا بِيَقِينٍ،

1 / 176