Al-ʿInāya sharḥ al-Hidāya
العناية شرح الهداية
Publisher
شركة مكتبة ومطبعة مصفى البابي الحلبي وأولاده بمصر وصَوّرتها دار الفكر
Edition Number
الأولى
Publication Year
1389 AH
Publisher Location
لبنان
Genres
Ḥanafī Law
وَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِيعَابِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْوُضُوءِ، وَلِهَذَا قَالُوا: يُخَلِّلُ الْأَصَابِعَ وَيَنْزِعُ الْخَاتَمَ لِيُتِمَّ الْمَسْحَ
ــ
[العناية]
بِبَاطِنِ أَرْبَعِ أَصَابِعِ يَدِهِ الْيُسْرَى ظَاهِرِ يَدَهُ الْيُمْنَى مِنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ إلَى الْمِرْفَقِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بِبَاطِنِ كَفِّهِ الْيُسْرَى بَاطِنَ ذِرَاعِهِ الْيُمْنَى إلَى الرُّسْغِ، وَيُمِرُّ بَاطِنَ إبْهَامِ يَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى ظَاهِرِ إبْهَامِ يَدِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ يَفْعَلُ بِيَدِهِ الْيُسْرَى كَذَلِكَ» .
وَقَوْلُهُ: (وَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِيعَابِ) يَعْنِي أَنَّ الِاسْتِيعَابَ شَرْطٌ فِي التَّيَمُّمِ حَتَّى إذَا تَرَكَ شَيْئًا لَمْ يَجُزْ كَمَا فِي الْوُضُوءِ. وَقَوْلُهُ: (فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ) احْتِرَازٌ عَنْ رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ: الْأَكْثَرُ يَقُومُ مَقَامَ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ فِي الْمَمْسُوحَاتِ الِاسْتِيعَابَ لَيْسَ بِشَرْطٍ كَمَا فِي مَسْحِ الْخُفِّ وَالرَّأْسِ.
وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّ التَّيَمُّمَ قَائِمٌ مَقَامَ الْوُضُوءِ وَلِهَذَا قَالُوا: يُخَلِّلُ الْأَصَابِعَ وَيَنْزِعُ الْخَاتَمَ لِيُتِمَّ الْمَسْحَ، وَالِاسْتِيعَابُ فِي الْوُضُوءِ شَرْطٌ فَكَذَا فِيمَا قَامَ مَقَامَهُ، وَلَوْلَا الْخَلْفِيَّةُ لَكَانَ الْمَسْحُ إلَى الْمَنَاكِبِ وَاجِبًا عَمَلًا بِالْمُقْتَضِي وَهُوَ ذِكْرُ الْأَيْدِي فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَلَا يَلْزَمُ آيَةُ السَّرِقَةِ؛ لِأَنَّ «النَّبِيَّ ﷺ بَيَّنَ مَحَلَّ الْقَطْعِ وَهُوَ الزَّنْدُ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ»، بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ. فَإِنْ قِيلَ: قَدْ دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ حَقِيقَةَ الْيَدِ لَيْسَتْ بِمُرَادَةٍ فَإِنَّ الْبَاءَ إذَا دَخَلَ عَلَى الْمَحَلِّ تَعَدَّى الْفِعْلُ إلَى الْآلَةِ فَلَا يَقْتَضِي اسْتِيعَابَ الْمَحَلِّ. أُجِيبَ بِأَنَّ الْبَاءَ صِلَةٌ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: ١٩٥] فَلَا يَقْتَضِي تَبْعِيضَ الْمَحَلِّ، وَفِيهِ بَحْثٌ ذَكَرْنَاهُ فِي التَّقْرِيرِ وَالْأَنْوَارِ.
1 / 126