انتقلنا إلى بيت حسن كاشف جركس، اليوناني الأصل، الذي شيده وزخرفه وصرف عليه أموالا عظيمة من مظالم العباد. وقد أفردوه لصناعة الحكمة والطب الكيماوي، وفيه آلات تقاطير عجيبة، وآلات لاستخراج وتقاطير المياه، والأملاح المستخرجة من الأعشاب والنباتات، وحول الجدران قوارير وأوان من الزجاج البلوري المختلف الأشكال والهيئات على الرفوف، وبداخلها أنواع المستخرجات.
وبدءوا يعرضون علينا أعاجيبهم، فأخذ أحدهم زجاجة فيها بعض المياه فصب منها شيئا في كأس، ثم صب عليها شيئا من زجاجة أخرى، فعلا الماءان وصعد منهما دخان ملون حتى انقطع وجف ما في الكأس، وصار حجرا أصفر، ثم فعل كذلك بمياه أخرى، فجمد حجرا أزرق، وبثالثة فجمد حجرا أحمر ياقوتيا.
وأخذ آخر شيئا قليلا جدا من غبار أبيض ووضعه على السندال وضربه بالمطرقة بلطف؛ فخرج له صوت هائل كصوت البنب انزعجنا منه فضحكوا منا.
وأداروا زجاجة بفلكة مستديرة؛ فتولد من حركتها شرر يطير، ويظهر له صوت وطقطقة. وإذا لمس شخص الزجاجة الدائرة ارتج بدنه وارتعد جسمه وطقطقت عظام أكتافه وسواعده في الحال برجة سريعة، ومن لمس هذا اللامس أو شيئا من ثيابه أو شيئا متصلا به، حصل له ذلك.
هز أستاذي رأسه قائلا: كلها أمور غريبة، ينتج منها نتائج لا يسعها عقول أمثالنا.
سأله فورييه: ماذا قلت ؟
ترجمت له ما قاله أستاذي. تطلع إلي طويلا، ثم قال: أنت تعرف الفرنسية؟
قلت: قليلا.
قال: نحن في حاجة إلى شبان من أمثالك يعرفون اللغات. ما رأيك في أن تأتينا كل يوم للمعاونة في تنظيم الكتب العربية بالمكتبة، ونخصص لك أجرا على ذلك. عندنا واحد اسمه إبراهيم الصباغ لكنه مريض.
تطلعت إلى أستاذي فتفكر قليلا، ثم قال: لا بأس.
Unknown page