Cilm Wasim
العلم الواصم في الرد على هفوات الروض الباسم
Genres
............ وشر الأمور المحدثات البدائع وأما سائر من قال: إن أفعال العباد مقدور بين قادرين. من غير تمييز بالذات فالكلام معهم مثل الكلام مع الأشعرية؛ لأنهم وإن لم يفرقوا بين فعل الرب عز وجل وفعل العبد بالذات فإنهم يفرقون بينهما بالوجوه والاعتبارات وذلك أمر ضروري فإنهم لا بد أن يقولوا إن العبد فعل الطاعة على وجه الذلة والخضوع والامتثال والتقرب والرغبة والرهبة وأن الله تعالى منزه عن جميع هذه الوجوه وأن الله تعالى فعل ذلك الفعل، إما لغير علة كما هو قول بعضهم، وإما على جهة الحكمة والرحمة والنعمة؛ إذ [هو] على جهة الحكمة والابتلاء والامتحان فثبت بهذا أن فعل العبد مركب من أمرين اثنين: أحدهما من الذات التي هي مقدور بين قادرين، وثانيهما من تلك الوجوه والاعتبارات التي يكفر من أجازها على الله سبحانه أو سماه بها بالإجماع والله تعالى لا يشارك العبد إلا في أجمل هذين الأمرين وأحمدهما فكيف ينسب إليه أخبثهما وشرهما وأقبحهما بغير إذن منه...الخ .. إلى أن قال: ألا ترى أن جعل العبد من أهل السنة مؤثرا في الذات بإعانة الله تعالى لا يسميه خالقا بإعانة الله ما ذلك إلا لأن هذه الذات هي الأكوان وكونها ذواتا غير صحيح في لغة العرب وفي النظر الصحيح عند محققي أهل المعقول وتسمية الأشعرية لها خلقا لله تعالى لم يصح لغة، يوضحه أن إمام الحرمين الجويني والشيخ أبا إسحاق ومن تابعهما من أهل السنة لم يسموا العبد خالقا مع أنهم يقولون: إن قدرته هي التي أثرت في ذات فعله وحدها بتمكين الله تعالى ومشيئته من غير زيادة مشاركة بينه وبين قدرة الله تعالى في تلك الذات التي هي فعله وكسبه، فثبت أن الله خالق كل شيء مخلوق في لغة العرب التي نزل عليها القرآن ولم يكن أحد منهم يقول خلقت قياما ولا كلاما، ولا صلاة ولا صياما ونحو ذلك، ولذلك ورد الوعيد للمصورين المشبهين بخلق الله تعالى، فلو كانت أفعالنا خلق الله لم يحرم علينا التشبيه بخلق الله تعالى، وكذلك لعن الواشمات المغيرات خلق الله تعالى، ولا شك في جواز تغييرنا لكثير من أفعالنا ووجوب ذلك في كثير منها، وكذلك قال الله تعالى بعد ذكر مخلوقاته من الأجسام وتصويرها وسائر ما لا يقدر العباد عليه من الأعراض: {هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه}[لقمان:11] وإنما يعرف الخلق في اللغة لإيجاد الأجسام ويدل على ما ذكرته ما حكاه الله تعالى وذم الشيطان به من قوله: {ولامرنهم فليغيرن خلق الله}[النساء:119] فدل على أن التغيير الذي هو فعلهم ليس هو خلق الله تعالى بل هو مغاير له ولذلك نظائر كثيرة ذكرتها في (العواصم). ا ه.
وأما كون أفعالنا ذواتا وأنه لا يقدر على إيجاد الذوات إلا الله تعالى، الجواب من وجهين:
الأول: أوضحها، وهو أنهم لا يقولون بذلك بل يقولون : إن أفعالنا هي الوجوه والاعتبارات والأحوال المتعلقة بتلك الذوات وذلك هو معنى الكسب عندهم.
والثاني: أنا منازعون في أن الأكوان التي هي الحركة والسكون والاجتماع والافتراق ذوات بل هي صفات أو أحوال كما ذهبت إليه الجماهير وأهل التحقيق كابن تيمية وأصحابه منهم، وأبو الحسين وأتباعه، ومن لا يحصى من سائر الطوائف، مع أنا لا نسلم لهم أنه لا يقدر على إيجاد الذوات غير الله، بل قد خالفهم في ذلك الجويني وأبو إسحاق ومن تابعهما فقالوا: إنه يقدر على ذلك من أقدره الله تعالى ومكنه منه وأراده.
قلت: ويقرب من ذلك خلق عيسى عليه السلام الطير وقول جبريل عليه السلام لمريم: {لأهب لك غلاما زكيا}[مريم:19].
Page 201