166

Cilm Wasim

العلم الواصم في الرد على هفوات الروض الباسم

Genres

Responses

قال الرازي: واعلم أن هذه الآية من جملة الآيات التي تلاطمت فيها أمواج الجبر والقدر، فالقدري يتمسك بقوله تعالى: {فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا}[الإنسان:29] ويقول: إنه صريح مذهبي، ونظيره: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}[الكهف:29] والمجبري يقول: متى ضمت هذه الآية إلى الآية التي بعدها خرج منه صريح مذهب الجبر وذلك أن قوله: {فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا}[الإنسان:29]، يقتضي أن تكون مشيئة العبد متى كانت خالصة فإنها تكون مستلزمة للفعل، وقوله بعد ذلك: {وما تشاءون إلا أن يشاء الله}[الإنسان:30] يقتضي أن مشيئة الله تعالى مستلزمة بمشيئة العبد ومستلزم المستلزم مستلزم فإذا مشيئة الله مستلزمة لفعل العبد وذلك هو الجبر، وهكذا الاستدلال على الجبر بقوله: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}؛ لأن هذه الآية أيضا تقتضي كون المشيئة مستلزمة للفعل ثم التقرير ما تقدم. ا ه.

والجواب عليه: أما على قول أهل الكسب فمعارضة؛ لأنا نقول: إذا كانت الاعتبارات والأحوال قلبية لا تتميز صارت موجبة؛ لأنها مشيئة وذلك هو الجبر بعينه في الأفعال والاعتبار والأحوال.

أما الجبرية فقد أثبتنا الاختيار بالأدلة القاطعة، منها قوله تعالى: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} بمشيئتين حادثتين، وقوله تعالى: {وما تشاءون} مشيئة محدثة فلن تتجاوز المشيئة القديمة -يعني العلم - فافترق الحال بين الحادث والقديم والعزم وعدمه بمعنى وما تحدث لكم مشيئة إلا أن يشاء الله أن تشاءوا أي أن تكون لكم مشيئة واختيار، فمتعلق المشيئتين هو مشيئة العباد واختيارهم لا إكراههم قال سبحانه وتعالى: {لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي}[البقرة:256] وقال: {ولا يرضى لعباده الكفر}[الزمر:7].

Page 189