بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
قَالَ الشَّيْخ الْعَالم الأوحد أَبُو الْفَتْح عُثْمَان بن جني رَحْمَة الله عَلَيْهِ
ألف التَّثْنِيَة
أعلم أَن الْألف زيدت فِي الِاسْم الْمثنى علما للتثنية وَذَلِكَ قَوْلك رجلَانِ وفرسان وزيدان
1 / 47
آراء النُّحَاة فِي ألف التَّثْنِيَة
وَاخْتلف النَّاس من الْفَرِيقَيْنِ فِي هَذِه الْألف مَا هِيَ من الْكَلِمَة
فَقَالَ سِيبَوَيْهٍ هِيَ حرف الْإِعْرَاب وَلَيْسَ فِيهَا نِيَّة الْإِعْرَاب وَأَن الْيَاء فِي النصب والجر فِي قَوْلك
مَرَرْت بالزيدين وَرَأَيْت الزيدين حرف إِعْرَاب أَيْضا وَلَا تَقْدِير إِعْرَاب فِيهِ
1 / 48
وَهُوَ قَول أبي إِسْحَاق وَابْن كيسَان وَأبي بكر وَأبي عَليّ
وَقَالَ أَبُو الْحسن إِن حرف التَّثْنِيَة لَيْسَ بِحرف إِعْرَاب
1 / 49
وَلَا هُوَ بإعراب وَلكنه دَلِيل الْإِعْرَاب فَإِذا رَأَيْت الْألف علمت أَن الِاسْم مَرْفُوع وَإِذا رَأَيْت الْيَاء علمت أَن الِاسْم مجرور أَو مَنْصُوب
وَإِلَيْهِ ذهب أَبُو الْعَبَّاس
وَقَالَ أَبُو عمر الْجرْمِي الْألف حرف الْإِعْرَاب كَمَا قَالَ سِيبَوَيْهٍ إِلَّا أَنه كَانَ يزْعم أَن انقلابها هُوَ إِعْرَاب
وَقَالَ الْفراء وَأَبُو إِسْحَاق الزيَادي وقطرب الْألف هِيَ إِعْرَاب وَكَذَلِكَ الْيَاء
1 / 50
الرَّأْي الرَّاجِح وَدَلِيله
وَأقوى هَذِه الْأَقْوَال قَول سِيبَوَيْهٍ
وَالدَّلِيل على صِحَة قَول سِيبَوَيْهٍ أَن الْألف حرف إِعْرَاب دون أَن يكون الْأَمر فِيهَا على مَا ذهب إِلَيْهِ غَيره أَن الَّذِي أوجب للْوَاحِد المتمكن حرف الْإِعْرَاب فِي نَحْو رجل وَفرس هُوَ مَوْجُود فِي التَّثْنِيَة فِي نَحْو قَوْلك رجلَانِ وفرسان وَهُوَ التَّمَكُّن
فَكَمَا أَن الْوَاحِد المتمكن المعرب يحْتَاج إِلَى حرف إِعْرَاب فَكَذَلِك الِاسْم الْمثنى إِذا كَانَ معربا مُتَمَكنًا احْتَاجَ إِلَى حرف إِعْرَاب
وَقَوْلنَا رجلَانِ وَنَحْوه مُعرب مُتَمَكن مُحْتَاج إِلَى مَا احْتَاجَ إِلَيْهِ الْوَاحِد المتمكن من حرف الْإِعْرَاب إِذن
1 / 51
وَلَا يَخْلُو حرف الْإِعْرَاب فِي قَوْلنَا الزيدان وَالرجلَانِ من أَن يكون مَا قبل الْألف أَو الْألف أَو مَا بعد الْألف وَهُوَ النُّون
فَالَّذِي يفْسد أَن تكون الدَّال من الزيدان هِيَ حرف الْإِعْرَاب أَنَّهَا قد كَانَت فِي الْوَاحِد حرف الْإِعْرَاب فِي نَحْو
هَذَا زيد وَرَأَيْت زيدا ومررت بزيد
وَقد انْتَقَلت عَن الْوَاحِد الَّذِي هُوَ الأَصْل إِلَى التَّثْنِيَة الَّتِي هِيَ الْفَرْع كَمَا انْتَقَلت عَن الْمُذكر الَّذِي هُوَ الأَصْل فِي قَوْلنَا هُوَ قَائِم إِلَى الْمُؤَنَّث الَّذِي هُوَ الْفَرْع فِي قَوْلك هِيَ قَائِمَة
فَكَمَا أَن الْمِيم فِي قَائِمَة لَيست حرف الْإِعْرَاب وأنما علم التَّأْنِيث فِي قَائِمَة هُوَ حرف الْإِعْرَاب فَكَذَلِك يَنْبَغِي أَن يكون علم التَّثْنِيَة فِي نَحْو قَوْلك الزيدان والعمران هُوَ حرف الْإِعْرَاب وَعلم التَّثْنِيَة هُوَ الْألف فَيَنْبَغِي أَن تكون هِيَ حرف الْإِعْرَاب كَمَا كَانَت الْهَاء فِي قَائِمَة حرف الْإِعْرَاب
1 / 52
على أَن أحدا لم يقل إِن مَا قبل ألف التَّثْنِيَة حرف الْإِعْرَاب وَإِنَّمَا قُلْنَا الَّذِي قُلْنَا احْتِيَاطًا لِئَلَّا تَدْعُو الضَّرُورَة إنْسَانا إِلَى الْتِزَام ذَلِك فَيكون جَوَابه بِمَا يفْسد بِهِ مذْهبه حَاضرا
وَأَيْضًا فَلَو كَانَ حرف الْإِعْرَاب فِي الزيدان هُوَ الدَّال كَمَا كَانَ فِي الْوَاحِد لوَجَبَ أَن يكون إعرابه فِي التَّثْنِيَة كإعرابه فِي الْوَاحِد كَمَا أَن حرف الْإِعْرَاب فِي نَحْو فرس لما كَانَ هُوَ السِّين وَكَانَ فِي أَفْرَاس أَيْضا هُوَ السِّين كَانَ إِعْرَاب أَفْرَاس كإعراب فرس وَهَذَا غير خَفِي
وَلَا يجوز أَن تكون النُّون حرف الْإِعْرَاب لِأَنَّهَا حرف صَحِيح يحْتَمل الْحَرَكَة فَلَو كَانَت حرف إِعْرَاب لوَجَبَ أَن تَقول
قَامَ الزيدان وَرَأَيْت الزيدان ومررت بالزيدان فتعرب النُّون وتقر الْألف على حَالهَا
كَمَا تَقول
هَؤُلَاءِ غلْمَان وَرَأَيْت غلمانا ومررت بغلمان
وَأَيْضًا
فَإِن النُّون قد تحذف فِي الْإِضَافَة وَلَو كَانَت حرف إِعْرَاب لثبتت فِي الْإِضَافَة
1 / 53
كَمَا تَقول
هَؤُلَاءِ غلمانك وَرَأَيْت غلمانك ومررت بغلمانك
فقد صَحَّ أَن الْألف حرف الْإِعْرَاب
الاعتراضات الَّتِي ترد على القَوْل بِأَن الْألف حرف إِعْرَاب
١ - فَإِن قَالَ قَائِل
فَإِذا كَانَت الْألف حرف الْإِعْرَاب فَمَا بالهم قلبوها فِي الْجَرّ وَالنّصب
وهلا دلك قَلبهَا على أَنَّهَا لَيست ك دَال زيد إِذْ الدَّال ثَابِتَة على كل حَال
فَالْجَوَاب عَن ذَلِك من وَجْهَيْن
أَحدهمَا أَن انقلاب الْألف فِي الْجَرّ وَالنّصب لَا يمْنَع من كَونهَا حرف إِعْرَاب لأَنا قد وجدنَا فِيمَا هُوَ حرف إِعْرَاب بِلَا خلاف بَين أَصْحَابنَا هَذَا الانقلاب وَذَلِكَ ألف كلا وكلتا من قَوْلهم
1 / 54
قَامَ الرّجلَانِ كِلَاهُمَا والبنتان كلتاهما
ومررت بهما كليهمَا وكلتيهما وضربتهما كليهمَا وكلتيهما
فَكَمَا أَن الْألف فِي كلا وكلتا حرف إِعْرَاب وَقد قلبت كَمَا رَأَيْت فَكَذَلِك أَيْضا ألف التَّثْنِيَة هِيَ حرف إِعْرَاب وَإِن قلبت فِي الْجَرّ وَالنّصب
وَمثل ذَلِك من حُرُوف الْإِعْرَاب الَّتِي قلبت قَوْلهم أَبوك وأخوك وحموك وفوك وهنوك وَذُو مَال
فَكَمَا أَن هَذِه كلهَا حُرُوف إِعْرَاب وَقد ترَاهَا منقلبة فَكَذَلِك لَا يستنكر فِي حرف التَّثْنِيَة أَن يقلب وَإِن كَانَ حرف إِعْرَاب
قَالَ أَبُو عَليّ وَلَو لم تكن الْوَاو فِي ذُو وفو حرف إِعْرَاب لبقي الِاسْم الْوَاحِد على حرف وَاحِد وَهُوَ الذَّال
أما الْوَجْه الآخر
فَإِن فِي ذَلِك ضربا من الْحِكْمَة وَالْبَيَان وَذَلِكَ أَنهم أَرَادوا بِالْقَلْبِ
1 / 55
أَن يعلمُوا أَن الِاسْم بَاقٍ على إعرابه وَأَنه مُتَمَكن غير مَبْنِيّ فَجعلُوا الْقلب دَلِيلا على تمكن الِاسْم وَأَنه لَيْسَ بمبني بِمَنْزِلَة مَتى وَإِذا وَأَنا مِمَّا هُوَ مَبْنِيّ فِي آخِره ألف
٢ - فَإِن قيل
فَإِذا كَانَت الْألف فِي التَّثْنِيَة حرف إِعْرَاب فَهَلا بقيت فِي الْأَحْوَال الثَّلَاث ألفا على صُورَة وَاحِدَة
كَمَا كَانَ ألف حُبْلَى وسكرى حرف إِعْرَاب وَهِي فِي الْأَحْوَال الثَّلَاث بَاقِيَة على صُورَة وَاحِدَة فِي قَوْلك
هَذِه حُبْلَى وَرَأَيْت حُبْلَى ومررت بحبلى
فَالْجَوَاب
أَن بَينهمَا فرقا وَذَلِكَ أَن الْأَسْمَاء الْمَقْصُورَة الَّتِي حُرُوف إعرابها ألفات وَإِن كَانَت فِي حَالَة الرّفْع وَالنّصب والجر على صُورَة وَاحِدَة فَإِنَّهَا قد يلْحقهَا من التوابع بعْدهَا مَا يُنَبه على موَاضعهَا من الْإِعْرَاب
وَأَنت لَو ذهبت تصف الِاثْنَيْنِ لوَجَبَ أَن تكون الصّفة بِلَفْظ التَّثْنِيَة
1 / 56
أَلا تراك لَو تركت التَّثْنِيَة بِالْألف على كل حَال لوَجَبَ أَن تَقول فِي الصّفة
رَأَيْت الرّجلَانِ الظريفان ومررت بالرجلان الظريفان فَتكون لفظ الصّفة كَلَفْظِ الْمَوْصُوف بِالْألف على كل حَال فَلَا تَجِد هُنَاكَ من الْبَيَان مَا تَجدهُ إِذا قلت
رَأَيْت عَصا معوجة أَو طَوِيلَة وَنَحْو ذَلِك مِمَّا يبين فِيهِ الْإِعْرَاب
فَمَا كَانَ كَذَلِك عدلوا إِلَى أَن قلبوا لفظ الْجَرّ وَالنّصب إِلَى الْيَاء ليَكُون ذَلِك أدل على تمكن الِاسْم واستحقاقه الْإِعْرَاب
ثبات الْألف فِي الْمثنى
على أَن من الْعَرَب من لَا يخَاف اللّبْس وَيجْرِي الْبَاب على قِيَاسه فيدع الْألف ثَابِتَة فِي الْأَحْوَال الثَّلَاث فَيَقُول قَامَ
1 / 57
الزيدان وَضربت الزيدان ومررت بالزيدان وهم بَنو الْحَارِث بن كَعْب وبطن من ربيعَة
لَا تَقْدِير إِعْرَاب فِي ألف التَّثْنِيَة
فَاعْلَم أَن سِيبَوَيْهٍ يرى أَن الْألف فِي التَّثْنِيَة كَمَا أَنه لَيْسَ فِي لَفظهَا إِعْرَاب فَكَذَلِك لَا تَقْدِير إِعْرَاب فِيهَا كَمَا يقدر فِي الْأَسْمَاء الْمَقْصُورَة المعربة نِيَّة الْإِعْرَاب
1 / 58
وَيدل على أَن ذَلِك مذْهبه قَوْله وَدخلت النُّون كَأَنَّهَا عوض عَمَّا منع الِاسْم من الْحَرَكَة والتنوين
فَلَو كَانَت فِي الْألف عِنْده نِيَّة حَرَكَة لما عوض مِنْهَا النُّون كَمَا لَا تعوض فِي قَوْلك هَذِه حُبْلَى وَرَأَيْت حُبْلَى ومررت بحبلى النُّون
قَالَ أَبُو عَليّ وَيدل على صِحَة مَا قَالَه سِيبَوَيْهٍ من أَنه لَيْسَ فِي حرف الْإِعْرَاب من التَّثْنِيَة تَقْدِير حَرَكَة فِي الْمَعْنى كَمَا أَن ذَلِك لَيْسَ مَوْجُودا فِيهَا فِي اللَّفْظ صِحَة الْيَاء فِي الْجَرّ وَالنّصب فِي نَحْو
مَرَرْت برجلَيْن وَضربت رجلَيْنِ
1 / 59
فَلَو كَانَ فِي الْيَاء مِنْهَا تَقْدِير حَرَكَة لوَجَبَ أَن تقلب ألفا كرحى وفتى
أَلا ترى أَن الْيَاء إِذا انْفَتح مَا قبلهَا وَكَانَت فِي تَقْدِير حَرَكَة وَجب أَن تقلب ألفا
وَهَذَا اسْتِدْلَال من أبي عَليّ أَتَى على قِيَاس وَهُوَ فِي نِهَايَة الْحسن وَصِحَّة الْمَذْهَب وسداد الطَّرِيقَة
اعْتِرَاض على كَون النُّون عوضا
فَإِن قلت
النُّون عِنْد سِيبَوَيْهٍ عوض مِمَّا منع الِاسْم من الْحَرَكَة والتنوين فَمَا بالهم قَالُوا فِي الْجَرّ وَالنّصب
1 / 60
مَرَرْت بالزيدين وَرَأَيْت الزيدين
فقلبوا الْألف يَاء وَذَلِكَ علم الْجَرّ وَالنّصب ثمَّ عوضوا من الْحَرَكَة نونا
وَكَيف يعوض من الْحَرَكَة نون وهم قد جعلُوا قلب الْألف يَاء قَائِما مقَام علم التَّثْنِيَة فِي الْجَرّ وَالنّصب
وَهل يجوز أَن يعوض من شَيْء شَيْء وَقد أقيم مقَام المعوض مِنْهُ مَا يدل على ذَلِك ويغني عَنهُ وَهُوَ الْقلب
فَالْجَوَاب
إِن أَبَا عَليّ ذكر أَنه إِنَّمَا جَازَ ذَلِك من الانقلاب معنى لَا لفظ إِعْرَاب فَلَمَّا لم يُوجد فِي الْحَقِيقَة فِي اللَّفْظ إِعْرَاب جَازَ أَن يعوض مِنْهُ النُّون وَصَارَ الانقلاب دَلِيلا على التَّمَكُّن وَاسْتِحْقَاق الْإِعْرَاب
1 / 61
قَالَ أَبُو الْفَتْح وَهَذَا أَيْضا من لطيف مَا حصلته عَنهُ فافهمه
ألف التَّأْنِيث فِي حُبْلَى
وَنَظِير ألف التَّثْنِيَة فِي أَنَّهَا حرف إِعْرَاب وعلامة التَّثْنِيَة ألف التَّأْنِيث فِي نَحْو حُبْلَى وسكرى
أَلا ترى أَنَّهَا حرف إِعْرَاب وَهِي علم التَّأْنِيث
إِلَّا أَنَّهُمَا تختلفان فِي أَن حرف التَّثْنِيَة لَا نِيَّة حَرَكَة فِيهِ وَألف حُبْلَى فِيهِ نِيَّة حَرَكَة
دَلِيل آخر على كَون الْألف فِي التَّثْنِيَة حرف إِعْرَاب
قَالَ أَبُو عَليّ وَيدل على أَن الْألف حرف إِعْرَاب صِحَة الْوَاو فِي مذروان
1 / 62
قَالَ أَلا ترى أَنه لَو كَانَت الْألف إعرابا وَدَلِيل إِعْرَاب وَلَيْسَت مصوغة فِي جملَة بِنَاء الْكَلِمَة مُتَّصِلَة بهَا اتِّصَال حرف الْإِعْرَاب بِمَا قبله لوَجَبَ أَن تقلب الْوَاو يَاء فَيُقَال مذريان لِأَنَّهَا كَانَت تكون على هَذَا القَوْل ك لَام مغزى ومدعى
فصحة الْوَاو فِي مذروان دلَالَة على أَن الْألف من جملَة الْكَلِمَة وَأَنَّهَا لَيست فِي تَقْدِير الِانْفِصَال الَّذِي يكون فِي الْإِعْرَاب
قَالَ فجرت الْألف فِي مذروان مجْرى الْألف فِي عنوان وَإِن اخْتلفت النونان وَهَذَا حسن فِي مَعْنَاهُ
الرَّد على قَول أبي الْحسن الْأَخْفَش
فَأَما قَول أبي الْحسن أَن الْألف لَيست حرف إِعْرَاب وَلَا هِيَ إِعْرَاب وَلكنهَا دَلِيل الْإِعْرَاب فَإِذا رَأَيْت الْألف علمت أَن الِاسْم
1 / 63
مَرْفُوع وَإِذا رَأَيْت الْيَاء علمت أَن الِاسْم مجرور أَو مَنْصُوب
قَالَ وَلَو كَانَت حُرُوف إِعْرَاب لما علمت بهَا رفعا من نصب وَلَا جر كَمَا أَنَّك إِذا سَمِعت دَال زيد لم تدل على رفع وَلَا نصب وَلَا جر
وَهَذَا الَّذِي ذكره غير لَازم وَذَلِكَ أَنا قد رَأينَا حُرُوف إِعْرَاب بِلَا خلاف تفيدنا الرّفْع وَالنّصب والجر وَهِي أَبوك وأخواته
وَأما قَوْله لَيست بإعراب فَصَحِيح وَذَلِكَ بَين فِي فَسَاد قَول الْفراء والزيادي
وَأما قَوْله لَو كَانَت الْألف حرف إِعْرَاب لوَجَبَ أَن يكون فِيهَا إِعْرَاب هُوَ غَيرهَا كَمَا كَانَ ذَلِك فِي دَال زيد فيفسده مَا ذَكرْنَاهُ من الْحجَّاج فِي هَذَا عِنْد شرح مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ أَولا
1 / 64
قَالَ أَبُو عَليّ وَلَا تمْتَنع الْألف على قِيَاس قَول سِيبَوَيْهٍ أَنَّهَا حرف إِعْرَاب أَن تدل على الرّفْع كَمَا دلّت عَلَيْهِ عِنْد أبي الْحسن لوجودنا حُرُوف إِعْرَاب تقوم مقَام الْإِعْرَاب فِي نَحْو
هَذَا أَبوك وَرَأَيْت أَبَاك ومررت بأبيك وأخواته وَكِلَاهُمَا وكليهما
وَلَكِن وَجه الِاخْتِلَاف بَينهمَا أَن سِيبَوَيْهٍ قد زعم أَنَّهَا حرف إِعْرَاب وَلَا تدل على الْإِعْرَاب
1 / 65
الرَّد على قَول أبي عمر الْجرْمِي
وَأما قَول الْجرْمِي أَنَّهَا فِي الرّفْع حرف إِعْرَاب كَمَا قَالَ سِيبَوَيْهٍ ثمَّ كَانَ يزْعم أَن انقلابها هُوَ الْإِعْرَاب
فضعيف مَدْفُوع أَيْضا وَإِن كَانَ أدنى الْأَقْوَال إِلَى الصَّوَاب الَّذِي هُوَ رَأْي سِيبَوَيْهٍ ﵀
وَوجه فَسَاده أَنه جعل الْإِعْرَاب فِي الْجَرّ وَالنّصب معنى لَا لفظا وَفِي الرّفْع لفظا لَا معنى فَخَالف بَين جِهَات الْإِعْرَاب فِي اسْم وَاحِد
1 / 66