عزيزي جراي
كنت منشغلا بدرجة أكبر من المعتاد؛ لذا توانيت في الرد على رسالتك المؤرخة بتاريخ 6 مايو. آمل أن تكون قد تلقيت الطبعة الثالثة من كتاب «أصل الأنواع» منذ وقت طويل ... لم أسمع شيئا من دار نشر «تروبنر» عن مبيعات مقالتك؛ لذا أخشى ألا تكون كبيرة، وأرسلت إليك لأخبرك بأنك تستطيع توفير مزيد من النسخ. لقد أرسلت نسخة إلى السير جيه هيرشل، الذي وضع في طبعته الجديدة من كتابه «الجغرافيا الطبيعية» تعليقا على كتاب «أصل الأنواع»، وهو يتفق إلى حد ما، لكنه يدرج تحفظا بشأن مسألة التصميم - يشبه تحفظك كثيرا ... لقد دفعت إلى التفكير مليا في الموضوع مؤخرا، ويحزنني القول إنني أصبحت أكثر اختلافا في الرأي عنك. هذا لا يعني أن التباين المصمم يجعل القوة التي أعزو إليها الربوبية «الانتقاء الطبيعي» غير ضرورية، كما يبدو لي، لكن بناء على ما أجريته مؤخرا من دراسة التباين الحادث تحت تأثير التدجين، ورؤية المجال الهائل جدا لإمكانية التباين غير المصممة، والتي يمكن للانتقاء الطبيعي تخصيصها لأي غرض نافع لكل كائن.
أشكرك جزيل الشكر على إرسال مقالك النقدي عن فيليبس إلي.
15
أتذكر أنني أخبرتك ذات مرة بالمهن الكثيرة التي كان عليك ممارستها، لكني صرت مقتنعا الآن بأنك ناقد بالفطرة. يا إلهي، ما أحسن الطريقة التي تصيب بها عين الصواب وأكثر المرات التي تفعل فيها ذلك! إنك ترى كتاب فيليبس أعلى قيمة مما أراه، أو مما يراه لايل، الذي يظنه رجعيا إلى حد مخيف. لقد سليت نفسي بمحاكاة حجة فيليبس مثلما تنطبق على التباين الحادث تحت تأثير التدجين محاكاة ساخرة؛ ومن ثم، يمكن أن تثبت أن نوع البط أو الحمام لم يتباين لأن نوع الإوز لم يتباين، مع أنه دجن في عصور أقدم، ولا يمكن تحديد سبب وجيه لعدم إنتاجه ضروبا عديدة ...
لم أكن أعرف من قبل أن الصحف شائقة جدا إلى هذا الحد. أمريكا الشمالية لا تنصف إنجلترا؛ فأنا لم أر ولم أسمع بأي أحد ليس منحازا إلى أمريكا الشمالية. بل إن البعض، وأنا منهم، يتمنون من الرب أن تعلن أمريكا الشمالية حملة صليبية على العبودية، بالرغم من خسارة ملايين الأرواح. فعلى المدى البعيد، ستقدم هذه الوفيات التي تصل إلى الملايين خدمة جليلة لقضية الإنسانية. ما أروع الأوقات التي نعيش فيها! يبدو أن ماساتشوستس تبدي حماسة نبيلة. يا إلهي العظيم! كم أرغب في أن أرى أكبر لعنة على الأرض؛ أي العبودية، وقد زالت تماما!
إلى اللقاء. هوكر منهمك في شئون عزيزي هنزلو المسكين الموقر. وداعا.
خالص تحياتي
سي داروين
من هيو فالكونر إلى تشارلز داروين
Unknown page