و(قال الخطابي: سمعت ابن أبي هريرة يحكي عن أبي العباس بن سريج قال: سأل رجل بعض العلماء عن قوله تعالى: ﴿لا أقسم بهذا البلد﴾ [البلد:١]؛ فأخبر أنه لا يقسم بهذا، ثم أقسم به في قوله: ﴿وهذا البلد الأمين﴾ [التين:٣]؟ فقال ابن سريج: أي الأمرين أحب إليك أجيبك ثم أقطعك، أو أقطعك ثم أجيبك؟ فقال: بل اقطعني ثم أجبني. فقال: اعلم أن هذا القرآن نزل على رسول الله ﷺ بحضرة رجال، وبين ظهراني قوم كانوا أحرص الخلق على أن يجدوا فيه مغمزا وعليه مطعنا، فلو كان هذا عندهم مناقضة لتعلقوا به، وأسرعوا بالرد عليه، ولكن القوم علموا وجَهِلْتَ فلم ينكروا منه ما أنكرت.
ثم قال له: إن العرب قد تدخل (لا) في أثناء كلامها وتلغي معناها، وأنشد فيه أبياتا) (١) .
المطلب الثاني: إثبات الدليل (من أين لك هذا؟):
وهذا مأخوذ من قوله تعالى: ﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [البقرة:١١١]؛ وهذا أسهل الأدلة وأسرعها وأقواها في نفس الوقت؛ لأن أكثر الطعون عبارة عن دعاوى لا حقيقة لها ولا قيمة علمية، فبمجرد مطالبته بالدليل عليها تتهاوى وتسقط.
والدعاوى إن لم تقم عليها بينات أصحابها أدعياء