فاعترته الرعدة التي لم يحسها وصادفها يوما في أجيج معاركه وهنا، ففر هاربا إلى منفاه.
انطلق يونس من فوره يعمل متحركا محققا لأبي زيد رغبته في نيل محبوبته، وبدء صفحة جديدة في تاريخ الهلالية، قوامها التلاحم ونبذ البغضاء التي تفت كمثل داء متغلغل في عظام الجسد الواحد.
وهكذا أسر يونس في أذن والده نبأ لقاء العالية وأبي زيد داخل ديوان الحريم وحبهما المتبادل واتفاقهما على الزواج. - على خيرة الله.
ومن فوره فاتح السلطان حسن ابن عمه الأكبر الأمير جابر لإعلان خطبة أبي زيد لابنته الأميرة العالية. ومن جديد تزاحمت دموع الأمير الشيخ الضرير جابر - والد العالية - دون أن يفصح عن جواب، لحين تدخل الأمير غانم والد دياب وبقية الموجودين في الحث والإسراع بجمع الشمل، توثبا للخطوات الجديدة الملحة التي أصبحت تدفع بالهلاليين اليوم قبل غد، إلى التخطيط بعيدا حسب وصية الأميرة الأم المتوفاة «شماء» دونما التفاتة إلى الوراء. - الخيرة فيما اختاره الله يا عرب.
على هذا النحو صدرت موافقة الأمير جابر ومباركته للزواج المرتقب الذي يضع الحب مكان البغضاء.
هنا اندفع السلطان حسن بنفسه منتصبا آخذا طريقه إلى داخل ديوان المحصنات من نساء الهلالية، حتى إذا ما وقعت عيناه على أبي زيد في اكفهراره جالسا إلى جانب العالية بجمالها المشع الباهر، لم يتمالك نفسه من تقبيلهما معا مهنئا والعودة بأبي زيد معابثا: ألن تشبع منها وتكتفي من مجالسة النساء الجميلات؟ تعال.
وختمت الليلة بقراءة الفاتحة وإعلان الخطبة وشهودها والاتفاق على عقد الزواج عقب انقضاء موسم العزاء والجنازة على موت الأميرة الأم الذي امتد أربعين يوما بتمامها. •••
هنا تنفس الأمير دياب بن غانم فارس تحالف عرب الجنوب - القحطانيين - الصعداء، وأصبح الطريق أمامه مفتوحا على مصراعيه لطلب يد الأميرة نور بارق أو الجازية، خاصة بعدما تخلى عنها أبو زيد بحبه الجديد للعالية، وما أشيع عن عمق صداقتهما وتعلق الجازية به وبأفكاره وشخصه وخططه حربا وسلما عامة، مما جعل دياب يرجئ الطلب في كل مناسبة سنحت قبلا.
خاصة وأن الجازية أخذت مكان والدتها الأميرة الأم شماء، في القيادة والاستحواذ على ثلث المشورة وحدها لعرب بني هلال.
لذا فبزواج دياب بن غانم من الجازية يمكن تحقيق بعض التوافق والتوازن بين قطبي التحالف، الذي ترجح فيه كفة العرب العدنانيين أو القيسيين الشماليين ومركزهم على أشقائهم الجنوبيين القحطانيين أو اليقطانيين الذين يتزعمهم دياب بن غانم الزغبي.
Unknown page