120

كما رحب السلطان الهلالي بسعدى مشددا العزاء لها في أبيها فارس تونس الزناتي.

وتعاهد الجميع على الزواج القريب وبدء صفحة جديدة قوامها الحب والسلام والوئام.

ووجدت سعدى في احتضان مرعي وحبه الجارف لها بعض العزاء في موت والدها الزناتي، الذي أشار الجميع بفضائله وفروسيته الفائقة حتى أمراء بني هلال ذاتهم، إلا أن سعدى الشاردة كانت دائمة التفكير في كيفية حصولها على جثمان أبيها خليفة الزناتي ومواراته الثرى، بدلا من طرحه في العراء لجوارح الطير كما أراد دياب.

أما دياب بن غانم فما إن استتب له الأمر في تملك تونس واعتلاء عرش الزناتي، حتى بعث في طلب مناديه المدعو خليل وأعطاه رمحه، وأمره أن ينصبه أمام مدخل عرشه، وينادي باسم الأمير دياب للدخول من تحته ومن لا يفعل يحق قتله.

ففعل المنادي كما أمره مولاه، قاطعا شوارع تونس وميادينها طولا وعرضا مناديا بعلو صوته.

وهكذا اعتلى دياب بن غانم عرش الخليفة الزناتي مرتديا تاجه المصنوع من قديم الزمان، والمتوارث منذ عصر مهران خليفة، والمرصع كله بالمرجان الأحمر والياقوت الأخضر والمنسوج بالدر والجوهر الذهب الأصفر.

واجتمعت من حوله قبائل بني زغبة صفوفا في صفوف مئات وألوف بعد أن تدانى الجميع في تبجيله، ثم أمر دياب أن تعلق رأس الزناتي على أعلى أسوار تونس، وحرم دفن جثمانه طارحا الجثة في العراء لتنهشها جوارح الطير.

وعندما علمت سعدى بتنكيل دياب بن غانم بجثة أبيها الزناتي على هذا النحو، اندفعت كالمجنونة إلى حيث عرش الزناتي الجديد «دياب» إلى أن دخلت عليه مرتعدة مطالبة بدفن جثمان أبيها.

وما إن شاهدها دياب حتى راقت في عيونه فقبل طلبها من فوره بتكريم جثمان الزناتي، ودفنه بين قبور شقيقي دياب الأميرين اللذين صرعهما الزناتي في غيبته بدر وزيدان.

بل إن دياب بهر من جمال سعدى وحسن شمائلها وأكرمها في افتقادها والدها مشددا العزاء، وأمر بإدخالها عند حريمه فأكرمنها غاية الإكرام.

Unknown page