Cawdat Mawt Aswad
عودة الموت الأسود: أخطر قاتل على مر العصور
Genres
يطلق على متوسط عدد الأفراد الذين تنتقل إليهم عدوى المرض من أحد المصابين «معدل انتقال العدوى». يمكن معرفة قدر لا بأس به من المعلومات عن المرض من خلال تتبع المسارات الفعلية لنقل العدوى التي وصفناها آنفا:
إذا نقل كل مصاب المرض «في المتوسط» إلى شخص واحد آخر عرضة للإصابة، فسوف يستمر المرض في الانتقال ببطء بنفس المعدل تقريبا. في مثل هذه الظروف يقال على المرض وباء مستوطن.
إذا نقل كل مصاب المرض «في المتوسط» إلى أكثر من شخص واحد، فسوف ينفجر الوباء، وكلما كان معدل انتقال العدوى أكبر، كان معدل الانفجار أكبر وأسرع.
إلا أنه، إذا نقل كل مصاب المرض «في المتوسط» إلى أقل من شخص واحد آخر (على سبيل المثال، إذا نقل أربعة مصابين العدوى إلى شخصين فقط في المجمل)، فقطعا سيختفي الوباء. تحدث نقطة التحول في أحد الأوبئة عندما يقل معدل انتقال العدوى عن شخص واحد.
يمكننا الآن أن نجمع كل هذه التفاصيل الخاصة بنظرية الأوبئة للأمراض المعدية معا. نوضح في المخطط التالي المسار الزمني لوباء الطاعون في مدينة نيوكاسل آبون تاين، بإنجلترا في صيف عام 1636.
وفيات الطاعون الأسبوعية في نيوكاسل آبون تاين بعد بدء الوباء في الرابع عشر من مايو 1636. عادة ما يرتفع معدل الوفيات ارتفاعا حادا ليصل إلى ذروته في الأسبوع السادس عشر قبل أن يستوي عند مرحلة استقرار تدوم 6 أسابيع ليتهاوى الوباء بعدها ويزول.
تذهلنا جسامة الوفيات في الحال؛ إذ يزيد إجمالي الخسائر في الأرواح عن 4000 شخص؛ نظرا لأن عدد الوفيات قد بلغ في ذروة الوباء 350 شخصا أسبوعيا. يتضح من المخطط أيضا أن المجتمع عانى من هذا الوباء لمدة تزيد على التسعة أشهر، وهي فترة زمنية طويلة للغاية بالنسبة لنوبة تفشي مرض معد.
يمكننا أن نقسم هذا الوباء في نيوكاسل إلى ثلاث مراحل؛ أولا: مرحلة تصاعد مبدئية عندما يبدأ الوباء في الزحف. ترتفع الوفيات تدريجيا ثم تجمع زخما متزايدا باستمرار. من الواضح أن كل مصاب ينقل المرض إلى أكثر من شخص واحد آخر إبان هذه المرحلة.
ثانيا: مرحلة استقرار تدوم لنحو ستة أسابيع في ذروة الوباء، عندما يظل معدل الوفيات الأسبوعي ثابتا تقريبا. عند هذه النقطة سوف ينقل كل مصاب المرض في المتوسط إلى شخص واحد آخر فقط. مع أن معدل الخسائر في الأرواح الأسبوعي يصل إلى ذروته، وتبدو الدنيا قاتمة لدى سكان نيوكاسل. في حقيقة الأمر، تلوح النهاية في الآفاق.
وأخيرا، مرحلة الانحسار التي يندثر فيها الوباء. يتراجع بثبات متوسط معدل انتقال العدوى في تلك المرحلة، وطوال هذه المرحلة الأخيرة ينقل الفرد المصاب العدوى في المتوسط إلى أقل من شخص واحد آخر.
Unknown page