Cawdat Mawt Aswad
عودة الموت الأسود: أخطر قاتل على مر العصور
Genres
إلا أنه كانت هناك قضيتان وثيقتا الصلة: أولهما تتعلق بسبب موت أحدهما وعدم موت الآخر، ففي بلدة واحدة يلقى أناس حتفهم في منزل، وفي منزل آخر لا يلقى أحد حتفه. [لقد ذكرنا بالفعل هذه الظاهرة.] وثانيهما تتعلق بمسألة ما إذا كانت القرح الجلدية للطاعون معدية أم لا.
بشأن القضية الثانية أرى أن القرح الجلدية للطاعون معدية بفعل السوائل الحيوية المعدية، وتكون الانبعاثات أو الروائح الكريهة لمثل هذه القرح سامة وملوثة للهواء؛ ومن ثم فمن المفترض أن تبتعد عن مثل هؤلاء الأفراد لأنهم يحملون العدوى.
ويبدو أنه يشير إلى أنه من الممكن أن تكون واقفا بالقرب من شخص يبدو صحيحا وسط حشد من الناس وتنتقل إليك العدوى انتقالا مباشرا:
في زمن الطاعون ينبغي ألا يقف أحد وسط الجموع الغفيرة المكتظة، لأنه ربما يكون أحدهم ناقلا للعدوى؛ ومن ثم يقف الأطباء الحكماء عند زيارة السقماء بعيدا عن المريض مديرين وجوههم نحو الباب أو النافذة، هكذا أيضا ينبغي أن يقف خدام السقماء.
رأى الأسقف أيضا أن الهواء كريه الرائحة كان ينقل المرض:
إن إخلاء المكان المعدي وتغييره علاج جيد، لكن ربما لا يستطيع البعض تغيير أماكنهم، ومن ثم يتعين عليهم أن يتحاشوا بقدر المستطاع كل مسببات العفونة، وتحديدا كل شهوة جسدانية مع امرأة. من نفس المنطلق، يتعين تحاشي جميع الروائح الكريهة كتلك المنبعثة من الحظائر أو الحقول أو الطرق أو الشوارع المتعفنة وتحديدا الرمم الميتة النتنة، ومعظم المياه النتنة، حيث تترك المياه في أماكن كثيرة لمدة يومين أو ليلتين، أو تكون هناك مجاري مياه تحت التربة تسبب عفونة وتلوثا هائلين. ولهذا السبب يموت البعض في المنزل الذي تحدث فيه هذه الأمور، ولا تجد موتى في منزل آخر، كما ذكرت قبلا، ومن ثم لا تدع الهواء المحمل بالعدوى يدخل إلى منزلك؛ لأن الهواء المحمل بالعدوى يسبب عفونة في الأماكن والمنازل التي ينام فيها الأفراد؛ ومن ثم اجعل بيتك نظيفا، وأشعل نارا من الحطب لتطهر منزلك ببخور الأعشاب.
وقد فطن إلى فكرة الحجر الصحي التي لم تكن مفعلة في إنجلترا آنذاك: «أيضا خلال الطاعون، من الأفضل أن تلزم المنزل؛ إذ ليس جيدا من الناحية الصحية أن تخرج إلى المدينة أو البلدة.»
كما قدم تعليمات واضحة من أجل التشخيص والعلاج:
لكن البعض سوف يفهم كيف عساه أن يشعر المرء لدى الإصابة بالعدوى. أقول إن المرء المصاب يجب ألا يتناول الكثير من اللحم في هذا اليوم؛ إذ سيمتلئ جسده بالأخلاط السامة، وبعد العشاء مباشرة تسيطر عليه رغبة في النوم، ويشعر بحرارة شديدة في الأجواء الباردة، كما يشعر بألم مبرح في الجبهة ... وبتورم تحت الإبط، أو بالقرب من منطقة العانة، أو بالقرب من الأذن ... عندما يشعر شخص بأنه معد، حالما قد يشعر بذلك، اجعله ينزف بغزارة إلى أن يفقد الوعي، ثم أوقف النزيف، حيث إن قليلا من فصد الدم يحرك السم أو يثيره.
بالتأكيد التزم الأفراد بفكرة أنه ينبغي الابتعاد عن الآخرين عندما يوشك الطاعون على التفشي. تقدم البرلمان بعريضة إلى الملك هنري الرابع عام 1439 مطالبا بإلغاء مراسم تقبيل الملك إبان حفل منح الأراضي للفرسان؛ لأن «مرضا يسمى الطاعون توغل عموما في أنحاء إنجلترا على نحو أعنف مما هو معتاد ولأنه معد للغاية.» ونقل البرلمان إلى ونشستر عام 1449؛ للابتعاد عن «هواء ويستمنستر الموبوء.»
Unknown page