فكانوا له أتبعَ من الظَّل، وأطوعَ من النعل، فعلمهم أركانَ الإسلام وشرائعَه وفرائضَه ونوافله، وكان بهم رؤوفًا رحيمًا، وعلى تعليمهم حريصًا أمينًا. كلما وصفه ربُّ العالمين حيث قال في كتابه المبين: ﴿لَقَدْ جَاءكم رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُم عَزِيزٌ عَليِهِ ما عَنتُّم حَرِيصٌ عَليْكُم بِالمُؤْمِنينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾ فلم يزل ﵊ يُرشدهم إلى أفضل الأعمال، ويهديهم إلى أحسنِ الأخلاق، ويلزمهم ما في النجاةَ والفوزَ في الآخرة، والسلامة والغبطة في الدنيا من لزوم الواجب والمسنون، ومجانبة المكروه وترك الفضول، فلم يترك خيرًا قَطُّ إلا أمرهم به ففعلوه، ودعاهم إليه فأجابوه، حتى لم يكن في زمأنه شيء مِن أعمال البر متروكًا، ولا منهج من مناهج الخير إلا مسلوكًا .. فلما تَمَّ ما أراد اللهُ تعالى برسوله من هداية أهلِ الإسلام، وبلغ إلى الأنام جميعًا ما عنده من الأحكام من العقائد والآداب والحلال والحرام، أنزل الله في ذلك تنصيصًا وتبيينًا: ﴿اليوْمَ أَكمَلْتُ لَكُم دِينَكُم وَأَتمَمْتُ عَلَيْكُم نِعْمَتِي وَرضِيتُ لَكُمُ الإسلامَ دِينا﴾ .. فكمل الدينُ في ذلك الزمان، ووضحت الحجةُ والبرهان، ودحضت وساوس المشتبهين، وانحسمت قوادِمُ المبطلين، إذ لا حجة على الله بعدَ الرسل لأحدٍ من العالمين بنصِّ كتابه المبين.
وقال يَصِفُ أحاديثَ الرسول ﵌:
" فإنَّه علمُ الصدرِ الأوّل، والذي عليه بعد القرآن المعوَّل، وهو لعلوم الإسلام أصل وأساس، وهو المفسر للقرآن بشهادة لتبين للناس.
وهو الذي قال الله فيه تصريحًا: ﴿إنْ هُو إلا وَحْيٌ يُوحى﴾ وهو الذي وصفه الصادق الأمين بمماثلة القرآن المبين حيث قال في التوبيخ لِكُلِّ مترف إمَّعه: " إنِّي أوتيتُ القُرآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ " وهو العلم الذي لم يشارك القرآن