قليلي التشكي عندها والتكلف
إذا انصرفوا للحق يوما تصرفوا
إذا الجاهل الحيران لم يتصرف
سموا فعلوا فوق البرية كلها
ببنيان عال من منيف ومشرف
وكان من حظها أن كتب معاوية أن يعطى أربعمائة شاة وثلاثين لقحة مما يوطن السيالة غير ما أعطاه سواه.
ومهما يكن الواقع الذي حدا ابن الحكم إلى حده، فإن السياسة الحزبية ومدائح ابن سيحان في معاوية، واستعمال الأخير الشعراء في مناصرة بيته، كل ذلك دفع بمعاوية إلى كتابة ما كتب لابن الحكم أولا، ثم للوليد بن عتبة ثانية، حتى اضطره لرفده بخمسمائة دينار مما وصفه صاحب الأغاني؛ فكانت الغلبة للشعر لا للشرع، وللغاية السياسية لا الدينية، فلنقيد هذه الملاحظة فقط بلا توسع ولا إسهاب. •••
وبعد، فلنلخص ما تقدم عن شعراء السياسة، وهم العنصر الهام الذي لعب دورا بارزا في الأدب العربي في العصر الأموي، والذي كان له أثره ونتائجه في العصر العباسي، في كلمة ختامية في هذا الموضوع نبين فيها جماعة الشعراء السياسيين وألوانهم السياسية.
كان جل شعراء هذا الدور أمويين؛ فإنا نجد إلى جانب شعراء الدور الأول من أنصار بني أمية شعراء آخرين أخذوا بناصرهم ودافعوا عن كيانهم، مثل أبي العباس الأعمى هجاء ابن الزبير، وأبي قطيفة طريد ابن الزبير، وأبي صخر الهذلي المتعصب لآل مروان وهجاء ابن الزبير، وعدي بن الرقاع، والوليد بن أمية بن عائذ الهذلي، وجبيهاء الأشجعي، والحكم بن عبدل الأسدي، والسلولي، وموسى شهوات وغيرهم.
والشعراء العلويون وفي طليعتهم النعمان بن بشير الأنصاري، والكميت بن يزيد، وأيمن بن خريم، على أن الأخيرين اضطرا إلى امتداح بني أمية ومسايرتهم، فإنا نجد الكميت قد مدح هشاما، كما نجد أيمن مدح عبد الملك، ثم نجد شعراء دون ذلك، مثل أنصار آل المهلب بن أبي صفرة؛ كزياد الأعجم، وثابت قطنة، وحمزة بن بيض، وكعب الأشقري وغيرهم، وأخيرا نجد حزب آل الزبير، ومن شعرائه عبد الله بن الزبير الأسدي.
Unknown page