42
وابتنى العرب مارستانات خاصة بذوي الأمراض العقلية، أشهرها مارستان بلنسية بالأندلس. وقد قرر المؤرخون أن للعرب فخرا في معاملة أولئك المرضى بالرفق والشفقة، بينما كان «المجانين» في أوروبا يعذبون ويضطهدون ويعاملون معاملة المجرمين. وما عدا المارستانات الخاصة فقد أسس العرب مارستانات عامة في معظم المدن الأندلسية كقرطبة وإشبيلية وغرناطة وطليطلة ومرسية والمرية ومالقة وغيرها من المدن العامرة. وكان نظام تلك المارستانات وافيا محكما على نسق لم تألفه أوروبا قبل ذلك العهد.
43 (11) متحفة الحشرات في العصر العربي الذهبي
أول من أنشأ هذا النوع من المتاحف عربي قح بلا جدال، وقد جرى ذلك في القرن الرابع للهجرة والعاشر للميلاد، ومما لا شبهة فيه أن الفرنج لم يعرفوا متاحف الحيوانات والحشرات ولم ينشئوا لها معاهد أو حدائق خصوصية إلا في نواحي القرن السابع عشر للميلاد. بناء عليه نقول القول الفصل إن العرب سبقوا الفرنج في هذا المضمار كما سبقوهم في أمور أخرى يطول شرحها.
فإلى العرب إذن يعود الفضل في إنشاء أول متحفة للحشرات والدويبات ونحوها. وقد أنشأها أبو الفضل جعفر (308-391ه) المشهور بابن حنزابة الوزير المحدث البغدادي نزيل مصر.
44
وتقلد أبو الفضل هذا وزارة مصر في عهد كافور الإخشيدي المتوفى سنة 357 للهجرة (968م) ودفن في القرافة الصغرى.
45 (12) رواج سوق العلماء وتعدد مصنفاتهم في العصر الذهبي
يتعذر علينا في هذا المقام أن نحصي أسماء جميع الكتاب الذين لمعوا في العصر العربي الذهبي ونستقصي أخبارهم ونعدد مؤلفاتهم؛ لأن ذلك يستلزم بحثا طويلا لا شأن لنا فيه الآن، إنما نكتفي بالإشارة إليه استكمالا للموضوع الذي نحن في صدده.
فإذا ألقينا نظرة عامة على العصر العربي الذهبي رأينا مئات من حملة الأقلام لم يتركوا بابا من أبواب المعارف إلا طرقوه وصنفوا فيه كتبا جمة تفوق حد الكثرة. هكذا راجت سوق الآداب في عواصم الدول العربية، وسالت قرائح العلماء في سائر أطرافها.
Unknown page