فإذا كان هذا حال المبدأ الثاني، فلا بد أن يكون أيضا حال المبدأ الأول. فهذا المبدأ الأول يلغي ذاته ولا يلغي ذاته؛ إذ إنه:
إذا كان الأنا = الأنا، فكل ما يؤكد في الأنا يؤكد.
ولكن المبدأ الثاني يتعين أن يؤكد وألا يؤكد في الأنا.
وإذن فالأنا ليس هو الأنا، وإنما الأنا هو اللاأنا واللاأنا هو الأنا.
كل هذه النتائج قد استنبطت من المبادئ المقررة وفقا لقوانين الفكر التي افترضنا مقدما صحتها، وعلى ذلك فلا بد أن تكون صحيحة، ولكن إذا كانت صحيحة، فإن هذا يؤدي إلى إلغاء هوية الوعي، وهي الأساس الوحيد المطلق لمعرفتنا، وهذا يحدد مشكلتنا. فعلينا أن نجد س تتيح صحة هذه النتائج كلها، دون قضاء على هوية الوعي. (1)
ولما كانت الأضداد الواجب توحيدها موجودة في الأنا بوصفه وعيا، فلا بد أن تكون س بدورها في الوعي. (2)
والأنا واللاأنا معا ناتجان عن أفعال أصيلة للأنا، والوعي ذاته ناتج عن هذا النوع للفعل الأصيل الأول للأنا؛ أي لتأكيد الأنا لذاته. (3)
ولكن نتيجتينا السابقتين تدلان على أن الفعل الذي يكون اللاأنا ناتجه؛ أي التأكيد العكسي، ليس ممكنا على الإطلاق دون س. وإذن فلا بد أن تكون س ذاتها ناتجة عن فعل أصيل للأنا؛ أي لا بد أن يكون هناك فعل للذهن البشري = ص، يكون ناتجه هو س. (4)
وتتحدد صورة هذا الفعل ص على أساس المشكلة السابقة، فعليه أن يكون توحيدا للضدين (الأنا واللاأنا) دون أن يلغي أحدهما الآخر؛ أي إن من الواجب جلب الضدين معا في هوية الوعي. (5)
ولكن المشكلة لا تحدد كيف؛ أي بأية طريقة، يتحدان، بل لا توحي بها على الإطلاق. فعلينا إذن أن نجري تجربة، ونتساءل: كيف يمكن التفكير في أ ولا أ؛ أي في الوجود واللاوجود، والإيجاب والسلب معا، دون أن يلغي كل منهما الآخر؟ (6)
Unknown page