Casal Musaffa
العسل المصفى من تهذيب زين الفتى في شرح سورة هل أتى - الجزء1
Genres
قلنا: هذا مما دل الله سبحانه على أن أسباب الآخرة أفضل من أسباب الدنيا وأعلى، وإنما سميت بالأسماء التي يعرفها أهل الدنيا ليعلموا ما معنى ما أشير بهم إليه.
ثم اعلموا؟ أنه وإن كان بهذا المعنى فليس بالوصف الذي شاهدوه بل فيه زيادة فضائل ومحاسن لا تكون في الدنيا، إذ ليس فيها قوارير من فضة [و] إنما يعرف فيها القوارير بمعنى والفضة بمعنى فأراهم/ 104/ أنها فضة يرى ما فيها كما يرى ما في القوارير من صفاتها واثار القدرة فيها.
وعن عكرمة عن ابن عباس [في قوله تعالى:] كانت قواريرا قواريرا من فضة قال: لو أنك أخذت فضة من فضة الدنيا فضربتها حتى تكون مثل جناح الذباب ما رأيت الماء من ورائها ولكن فضة الجنة في بياض الفضة وصفاء القوارير.
وروي أنه قال: قوارير كل أرض من تربتها وقوارير الجنة من أرض الجنة، وأرض الجنة فضة. وقد روي هذا المعنى عن الجميع.
فإن قيل: كيف صرفت القوارير الاولى ولم تصرف الثانية؟
قلنا: قوارير لا ينصرف لأن تقديرها فواعيل فمن صرفها هاهنا وألحق الألف التي هي صورة التنوين في النصب فعلى اتباعها رءوس الآيات قبلها وبعدها لأنها بألف يائية كما فعلوا ذلك في قوله: وتظنون بالله الظنونا وقوله:
فأضلونا السبيلا وقوله: وأطعنا الرسولا .
وقد قيل: إن انتصابها على أنها نكرة، والنكرة عندهم أخف من المعرفة.
وأما قوله: قواريرا من فضة فإنها غير مصروفة لخلائها من هذه العلل التي ذكرناها، ومن صرفها فعلى أنها نكرة. وليست بقوية لأن النكرة إذا تكرر ذكرها صارت معرفة كما يقال في الكلام «مررت برجل» فيقال: من الرجل، قال عز وجل: فيها مصباح المصباح/ 105/ في زجاجة ثم قال: الزجاجة كأنها كوكب دري [35/ النور: 24] فجعل النكرة معرفة بتكرر ذكرها، فقوله: قواريرا من فضة بحالها وتقديرها في الفعل ممتنعة من الصرف.
فإن قيل: ما معنى قوله قدروها تقديرا ؟
قلنا: المعني به الملائكة أنهم يقدرون الأشربة في الانية فيجعلونها بقدر ري
Page 91