وروى أبو عبيدة أيضًا عن ابن عبّاسٍ أنّه كان يُسْأَلُ عن قول الله تعالى ﴿فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ﴾ [النازعات: ١٤] قال: الأرض، وأنشد لأمية بن أبي الصَّلْت:
وفيها لحم ساهرةٍ وَبحْرِ
وقال أبو عُبيدةَ: يجوز هذا عندي فيما كان من الغريب والإعراب، فأمّا ما كان من الحلال والحرام، والأمر والنّهي، والنّاسخ والمنسوخ، فليس لبشرٍ أن يتكلّم فيه برأيه إلاّ ما فسَّرته سُنَّةُ رسولِ الله ﷺ وقال فيه الصحابة والتابعون بإحسانٍ بعدهم» (١) .
وشيء آخر يدفع الناس إلى طلب العربية، هو حجيّتها، وكونها دليلًا شرعيًا فيما يرجع فيه إلى اللغة عند الخلاف: "إذا كان التنازُعُ في اسم أوصفةٍ، أو شيءٍ ممّا تستعمله العربُ العربُ من سننها في حقيقةٍ ومجاز، وما أشبه ذلك " (٢) .
وقد رتَّب ابن فارسٍ على هذا أن جعل: " العلم بلغة العرب واجبًا على كُلِّ متعلِّقٍ من العلم بالقرآن والسنة والفتيا بسبب، حتّى لا غناء بأحدٍ منهم عنه، وذلك أنّ القرآن نازلٌ بلغة العرب، ورسول الله ﷺ عربيٌّ، فمن أراد معرفة ما في كتاب الله جلّ وعزّ وما في سنة رسول الله ﷺ من كل كلمٍ غريب، أو نظمٍ عجيب، لم يجد من العلم باللُّغة
بُدًّا" (٣) .
وهذا يفسِّر عناية ابن فارسٍ وغيره بعلوم العربيّة؛ لأنّهم ربطوها بأصلٍ