98

غيبي في علم اليقين وعين اليقين ، فقال : ( بلى ) ولكن أسأل مشاهدة الغيب.

وقال بعضهم : هذا السؤال على شرط الأدب ، كأنه يقول : أقدرني على إحياء الموتى ، يدل عليه قوله : ( قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ) والطمأنينة لا تكون ضد الشك ، قوله : ( ليطمئن قلبي ) على هذه الشهوة والمنية.

وقيل : ( أرني كيف تحي الموتى ) القلوب الميتة عنك بإحيائها بك.

قيل : ( أولم تؤمن ) أي : لست كنت لتستدل علينا بالشمس والقمر وأفعالنا ، فأسقطنا عنك علة الاستدلال ، وكنا دليلك علينا.

وقال بعضهم : اعلم أن الخليل مع خليله مختال في أموره حتى يجد قربا إلى خليله ، أو سماعا لكلامه حتى أن بعضهم قال :

وإني لأستنعس وما بي نعسة

لعل خيالا منك يلقى خياليا

وقال جعفر الصادق : شك في الكيفية ، وما شك في غيره ، قال النبي عليه السلام :

«أنا أولى بالشك من إبراهيم» (1). وعن جعفر في قوله : ( ولكن ليطمئن قلبي ) قال : قلب أصحابي.

وقال ابن عطاء : أي إني إذا سألتك أجبني ، وإذا ذكرتك ذكرتني ، فإن بذكرك تطمئن القلوب.

وقال سهل بن عبد الله : سأل كشف غطاء العيان ليزداد بنور اليقين يقينا وتمكنا في حاله ، ألا تراه كيف أجاب عن لفظ الشك ببلى.

وقال بعضهم : إذا سكن العبد إلى ربه واطمأن إليه أظهر الله عليه من الكرامات ما أقلها إحياء الموتى ، قال الله تعالى لإبراهيم : ( فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ).

وقيل : إنه طلب رؤية الحق سبحانه لكن بالرمز والإشارة فمنع منها بالإشارة بقوله تعالى : ( واعلم أن الله عزيز حكيم )، وأن موسى إنما سأل الرؤية جهرا ، فقال : ( أرني ) فرد بالجهر صريحا فقال : ( لن تراني ).

وقيل : إنما طلب حياة قلبه ، فأشير عليه بأن ذلك بذبح هذه الطيور الأربع ، ومنها الإشارة في الطيور الأربع الطاوس ، فالإشارة إلى ذبحه هي زينة الدنيا وزهرتها ، والغراب بحرصه ، والديك بشقه ، والبط لطلب رزقه.

Page 108