سورة فاتحة الكتاب
( بسم الله الرحمن الرحيم (1))
سميت الفاتحة فاتحة ؛ لأنها مفتاح أبواب خزائن أسرار الكتاب ؛ ولأنها مفتاح كنوز لطائف الخطاب ، بانجلائها ينكشف جميع القرآن لأهل البيان ؛ لأن من عرف معانيها يفتح بها أقفال المتشابهات ، ويقتبس بسنائها أنوار الآيات.
( بسم ): «الباء» : كشف البقاء لأهل الفناء ، و «السين» : كشف سناء القدس لأهل الأنس ، و «الميم» : كشف الملكوت لأهل النعوت ، و «الباء» : بره للعموم ، و «السين» : سره للخصوص ، و «الميم» : محبته لخصوص الخصوص ، و «الباء» : بدء العبودية ، و «السين» : سر الربوبية ، و «الميم» : منة في أزلية على أهل الصفوة.
و «الباء» من بسم أي : ببهائي بقاء أرواح العارفين في بحار العظمة.
و «السين» من بسم أي : بسنائي سمت أسرار السابقين في هواء الهوية.
و «الميم» من بسم أي : بمجدي وردت المواجيد قلوب الواجدين من أنوار المشاهدة.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم : «إن الباء بهاؤه ، والسين سناؤه ، والميم مجده» (1).
وقيل في ( بسم الله ): بالله ظهرت الأشياء ، وبه فنيت ، وبتجليه حسنت المحاسن ، وباستناره فتحت المفاتح.
وحكي عن الجنيد أنه قال : إن أهل المعرفة نفوا عن قلوبهم كل شيء سوى الله ، فقال : لهم قولوا : ( بسم الله ) أي : بي فتسموا ، ودعوا انتسابكم إلى آدم عليه السلام .
وقيل : إن «بسم» يبقى به كل الخلق ، فلو افتتح كتابه باسمه ؛ لذابت تحته حقيقة الخلائق ، إلا من كان محفوظا من نبي ، أو ولي.
وروى علي بن موسى الرضا ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد قال : «بسم» : «الباء» بقاؤه ، و «السين» أسماؤه ، و «الميم» ملكه ، فإيمان المؤمن ذكره ببقائه ، وخدمة المريد ذكره بأسمائه ، والعارف فناؤه عن المملكة بالمالك لها.
وأما «الله» : فإنه اسم الجمع لا ينكشف إلا لأهل الجمع ، وكل اسم يتعلق بصفة من صفاته إلا الله ؛ فإنه يتعلق بذاته وجميع صفاته لأجل ذلك ، وهو اسم الجمع أخبر الحق عن
Page 15