80

Caqli Wa Caqlak

عقلي وعقلك

Genres

وللشخصية أساس من بناء الجسم، وخاصة من الغدد الصماء التي تقرر المزاج والقوام والنحافة والقد، إلخ، فنحن نستظرف القد النحيف والتقاسيم المتناسبة، ونستثقل الجسم المتكتل الذي يسعى وكأنه يسير القرفصاء، ولكن 90 في المائة من الشخصية نفسي وليس جسميا، والظرف والرشاقة والبشر والخفة والروح من صفات النفس، وهي ثمرة المجتمع أكثر مما هي من صفات الجسم، أو ثمرة الغدد، ولو كانت الشخصية من صفات الجسم فقط لكان من العبث الكلام عنها والبحث عن ترقيتها، وأنا أرجو القارئ الذي يبغي التوسع في هذا الموضوع أن يقرأ كتابي: «الشخصية الناجعة» و«محاولات سيكلوجية».

وإني ألخص هنا الشروط التي يجب أن تتوافر لإيجاد الشخصية المثلى: (1)

أن يكون للإنسان اهتمامات متعددة تشغل ذهنه ونفسه وتزيد صلاته بالمجتمع، فيجب أن تكون له حرفة يحسنها، يكسب منها العيش ويكسب الكرامة الاجتماعية، ويجب أن تكون له هواية يقضي فيها فراغه، ونعني هواية يرتقي بها ويستغل بها الوقت، لا أن يقتله. ثم يجب أن تكون له اهتمامات اجتماعية في عمل البر أو الاشتغال بالسياسة أو الدفاع عن مبدأ أو نحو ذلك، وهذه الاهتمامات هي شرط أساسي للسعادة الفردية وللطيبة الاجتماعية. (2)

ويجب أن يؤثر الحياة الزوجية على العزوبة؛ لأن مسئوليات العائلة والزواج تربي شخصيته؛ فالمسئولية هي فيتامين الشخصية. (3)

يجب أن يمرن نفسه على تغليب وجدانه بالمنطق والنظر الموضوعي على عواطفه، ويتجنب النظر الذاتي في المشكلات. (4)

يجب أن ينشد فلسفة صالحة ويستقر عليها. (5)

يجب أن يجعل المستقبل جزءا من الحاضر، ولكن يجب أيضا ألا يضحي بالحاضر من أجل المستقبل.

وبالطبع هناك الشخصية المريضة التي لم نذكرها؛ لأننا خصصنا لها فصولا أخرى.

مرض النفس هو مرض المجتمع

المجتمع المريض يبعث الأمراض في نفوس أفراده، وأمراضنا النفسية جميعها من السيكوبائية البسيطة كإدمان الخمر أو التشرد أو الزيغ الجنسي، إلى النيوروز حين تحتد العواطف وتلتهب حتى لا تطاق، وقد تبعث على الانتحار، إلى السيكوز حين يختل العقل ولا يرى الأشياء على حقائقها الموضوعية، جميع هذه الأمراض تعود إلى مجتمع مريض.

Unknown page