128

Caqli Wa Caqlak

عقلي وعقلك

Genres

والنزوع الجنسي هو كل شيء عند فرويد - مؤسس التحليل النفسي - أي إنه يعتقد أن كل نوازعنا وأمراضنا تقريبا تعود إليه، وإلى ما أحدث من مركبات جنسية بين الطفل وأمه، وهو يرى أن الاشتهاء الجنسي يغمر الطفل حتى وهو يرضع، ولكن هذا الاشتهاء عنده ليس مركزا في بؤرة كما هي الحال عند الكبار؛ إذ هو معمم مبهم يشيع في أنحاء جسم الطفل، فهو يرضع مثلا فيما يشبه اللذة الجنسية كما أنه يلتذ الاحتكاك.

وتبدأ الشهوة الجنسية تتجمع عنده في بؤرة هي الأعضاء التناسلية حوالي سن الثامنة، فتتنبه الأعضاء، وأحيانا يسوء حظ الطفل فيقع مثلا في يد خادمة تزيد تنبهه بالعبث بهذه الأعضاء، وهذا التنبه يؤذيه عندما يبلغ الرابعة عشرة أو قبيل ذلك حين تعود نفسه إلى هذه الذكرى التي تركتها له الخادمة بالعبث فيقع في العادة السرية التي تبدأ عبثا.

وفيما بين الثامنة والثالثة عشرة تقريبا يعيش الصبي حياة غير جنسية، ثم يبدأ في المراهقة، والتنبه الجنسي يغمره بقوة وبطش، حتى لا يعرف كيف يتصرف، وهو لا يجد النصيحة أو الإرشاد؛ ولذلك يحار ويأخذ في مباشرة تجارب جنسية شاذة، فيقع في الشذوذ في هذه السن لطغيان العاطفة الجنسية، وللحرمان الذي يلاقيه في الوقت نفسه للجنس الآخر، والفصل بين الجنسين في مجتمعنا، بل في كل مجتمع آخر تقريبا، هو السبب لهذا الشذوذ؛ ولذلك قد يقع المراهق في العادة السرية، أو يتعرف إلى الصبيان الذين في سنه أو أصغر منه تعرفا جنسيا شاذا.

وهذا التعرف الشاذ هو - كما قلنا - ثمرة الحرمان، حتى إن كثيرا من الحيوانات، وخاصة القردة، تعرفه وتمارسه، ولكن هذا الشذوذ يزداد إذا ازداد الحرمان، كما هو المشاهد في الأمم الشرقية، حيث الفصل بين الجنسين من التقاليد المرعية ، والأدب العربي مليء بالتغزل بالصبيان لهذا السبب.

ولننظر أولا إلى العادة السرية؛ فإنها تفشو بين 95 في المائة من الشبان أو أكثر، وهي تبدأ في المراهقة حوالي سن 13 و14، وأولئك الذين تنبهت عندهم العاطفة الجنسية حوالي سن 8 أو 9 يقعون فيها بسهولة أكثر من غيرهم أيام المراهقة، ونعني بكلمة التنبه هنا أن الخادمة مثلا قد لعبت بالطفل في هذه السن المبكرة فدربته على التحسس والعبث، وتركت في نفسه ذكرى هذه اللذة فيعود إليها في المراهقة، والشاب الانطوائي يقع في هذه العادة أكثر من الشاب الانبساطي؛ لأن الأول يؤثر الاعتزال أو الاعتكاف، وكلاهما يساعده على ممارسة هذه العادة، كما أنه يستسلم لخواطر اليقظة وهي تنبه العاطفة الجنسية، وكثير من الشبان يعيش فيما بين 13 و16 كما لو كان في شيزوفرينيا خفيفة له عالم آخر مؤلف من أحلام اليقظة التي يلتذها ويعيش فيها وهو بعيد عن الواقع.

وإذا كان الشاب يمارس العادة السرية في اعتدال فلا خطر منها، ونعني بكلمة اعتدال أنها لا تزيد عن ثلاث أو أربع مرات مثلا في الشهر، أما إذا زادت فإننا يجب أن نعالجها بالوسائل التالية: (1)

أن نكسب ثقة الشاب المتهالك على هذه العادة بحيث يأتمننا ويصرح بكل ما يعمل. (2)

ألا نبالغ في ضرر هذه العادة حتى لا يشيع الخوف عنده فيزداد قلقه؛ لأنه قد يبرأ من العادة ثم يقع في القلق وتتكاثر عليه الأوهام والوساوس بشأن صحته الجسمية وسلامته العقلية. (3)

أن نحمله على اهتمامات وهوايات كثيرة تشغل فراغه، وأن نسخو له بالمال كي يشتري الكتب ليقرأ، ويقصد إلى السينما توغراف، ويتعلم الموسيقا أو الرقص أو الألعاب الرياضية، ويقضي إجازة أسبوع أو شهر في بلدة أخرى ونحو ذلك. (4)

أن نخلق له نشاطا اجتماعيا لذيذا، بحيث يقضي معظم وقته وهو مع غيره، فلا يجد الفرصة للانفراد إلا قليلا؛ لأن الانفراد يهيئ له الخواطر الجنسية التي تدفعه إلى ممارسة هذه العادة. (5)

Unknown page