وكان خالد قد أمر بحبس الأسرى من قوم مالك ، فحبسوا والبرد شديد ، فنادى مناديه في ليلة مظلمة : أن أدفئوا أسراكم!! وهي في لغة كنانة كناية عن القتل! فقتلهم بأجمعهم.
وكان قد عهد إلى الجلادين من جنده أن يقتلوهم عند سماع هذا النداء ، وتلك حيلة منه توصل بها إلى أن لا يكون مسؤولا عن هذه الجناية ، لكنها لم تخف على أبي قتادة وأمثاله من أهل البصائر ، وإنما خفيت على رعاع الناس وسوادهم.
والتفت أبو قتادة الأنصاري إلى خالد وقال : هذا عملك؟!!
فنهره خالد ، فغضب ومضى.
وكان أبو قتادة ممن شهد لمالك بالإسلام كما قدمنا وقد كان عاهد الله أن لا يشهد مع خالد بن الوليد حربا بعدها أبدا.
حين وصلت أنباء البطاح ومقتل مالك إلى المدينة ، أثارت موجة سخط في أوساط كبار المسلمين .. فحين بلغ ذلك عمر بن الخطاب تكلم فيه عند أبي بكر وقال : « عدو الله. عدا على امرىء مسلم فقتله ، ثم نزا على امرأته .. ».
وأقبل خالد بن الوليد قافلا ، حتى دخل المسجد وعليه قباء له عليه صدأ الحديد ، معتجرا بعمامة له قد غرز فيها أسهما ، فلما دخل قام إليه عمر ، فانتزع الأسهم من رأسه فحطمها ثم قال : أرئاء. قتلت امرىء مسلما .. الخ .. كما تقدم.
وقد كان بين خالد وبين عبد الرحمن بن عوف كلام في ذلك ، فقال له عبد الرحمن : عملت بأمر الجاهلية في الإسلام؟ وأنكر عليه عبد الله بن عمر وسالم مولى أبي حذيفة.
وقدم متمم بن نويرة أخو مالك إلى المدينة ينشد أبا بكر دمه ، ويطلب إليه رد السبي ، فكتب إليه برد السبي. وأنشده.
أدعوته بالله ثم غدرته
لو هو دعاك بذمة لم يغدر
Page 84