فقال : لا ، ولكن أطلب بدم عثمان الشهيد المظلوم.
قال : كلا ، أشهد على علمي فيك أنك أصبحت لا تطلب بشيء من فعلك وجه الله وأنك إن لم تقتل اليوم فستموت غدا ، فانظر إذا أعطى الله العباد على نياتهم ما نيتك؟
دماؤهم أحل من دم عصفور!
قال أسماء بن حكيم الغزاوي : كنا بصفين مع علي تحت راية عمار بن ياسر ارتفاع الضحى ، وقد استظللنا برداء أحمر. إذ أقبل رجل يستقري الصف حتى انتهى إلينا فقال : أيكم عمار بن ياسر؟ فقال عمار : أنا عمار. قال : أبو اليقظان؟ قال : نعم قال : إن لي إليك حاجة ، أفأنطق بها سرا أو علانية؟ قال : إختر لنفسك أيهما شئت ، قال لا ، بل علانية ، قال : فانطق. قال :
إني خرجت من أهلي مستبصرا في الحق الذي نحن فيه لا أشك في ضلالة هؤلاء القوم وأنهم على الباطل ، فلم أزل على ذلك مستبصرا حتى ليلتي هذه ، فإني رأيت في منامي مناديا تقدم فأذن وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، ونادى بالصلاة ، ونادى مناديهم مثل ذلك ، ثم أقيمت الصلاة فصلينا صلاة واحدة ، وتلونا كتابا واحدا ، ودعونا دعوة واحدة ، فأدركني الشك في ليلتي هذه فبت بليلة لا يعلمها إلا الله تعالى ، حتى أصبحت فأتيت أمير المؤمنين فذكرت ذلك له ، فقال هل لقيت عمار بن ياسر؟ قلت : لا. قال : فألقه فانظر ماذا يقول لك عمار فاتبعه ، فجئتك لذلك ، فقال عمار : تعرف صاحب الراية السوداء المقابلة لي؟ فإنها راية عمرو بن العاص . قاتلتها مع رسول الله (ص) ثلاث مرات وهذه الرابعة ، فما هي بخيرهن ولا أبرهن ، بل هي شرهن وأفجرهن!
ثم قال له عمار : أشهدت بدرا وأحدا ويوم حنين ، أو شهدها أب لك فيخبرك عنها؟ قال : لا ، قال : فإن مراكزنا اليوم على مراكز رايات رسول الله (ص) يوم بدر ويوم أحد ويوم حنين ، وأن مراكز رايات هؤلاء على
Page 215