بلى ، قال : فليدفع إلينا قتلته لنقتلهم به ، ولا قتال بيننا وبينه.
قالوا : فاكتب إليه كتابا يأته به بعضنا. فكتب مع أبي مسلم الخولاني :
من معاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب ، سلام عليك ، فاني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ، أما بعد ، فان الله اصطفى محمدا بعلمه ، وجعله الأمين على وحيه ، والرسول إلى خلقه ، واجتبى له من المسلمين أعوانا أيده الله تعالى بهم ، فكانوا في منازلهم عنده على قدر فضائلهم في الإسلام ، فكان أفضلهم في الإسلام وأنصحهم لله ورسوله الخليفة من بعده ، ثم خليفة خليفته من بعد خليفته ، ثم الثالث الخليفة المظلوم عثمان! فكلهم حسدت ، وعلى كلهم بغيت ، عرفنا ذلك في نظرك الشزر ، وقولك الهجر ، وتنفسك الصعداء ، وابطائك عن الخلفاء ، تقاد إلى كل منهم كما يقاد الفحل المخشوش ، حتى تبايع وأنت كاره ، ثم لم تكن لأحد منهم بأعظم حسدا منك لابن عمك عثمان ، وكان أحقهم أن لا تفعل ذلك في قرابته وصهره فقطعت رحمه ، وقبحت محاسنه وألبت الناس عليه ، وبطنت وظهرت حتى ضربت إليه آباط الإبل ، وقيدت إليه الإبل العراب ، وحمل عليه السلاح في حرم رسول الله (ص) فقتل معك في المحنة وأنت تسمع في داره الهائعة ، لا تردع الظن والتهمة عن نفسك بقول ولا عمل.
وأقسم قسما صادقا لو قمت فيما كان من أمره مقاما واحدا تنهنه الناس عنه ما عدل بك من قبلنا من الناس أحدا ولمحا ذكل عندهم ما كانوا يعرفونك به من المجانبة لعثمان والبغي عليه ، وأخرى أنت بها عند أنصار عثمان ظنين ، إيواؤك قتلة عثمان ، فهم عضدك وأنصارك ، ويدك وبطانتك ، وقد ذكر لي أنك تتنصل من دمه ، فان كنت صادقا فأمكنا من قتلته نقتلهم به ، ونحن أسرع الناس إليك ، وإلا فانه ليس لك ولأصحابك إلا السيف ، والذي لا إله إلا هو لنطلبن قتلة عثمان في الجبال والرمال ، والبر والبحر حتى يقتلهم الله ، أو لتلحقن أرواحنا بالله ، والسلام.
Page 177