القنفذ مما فيه من النبل والسهام ، قال : وجعلت بنو ضبة يأخذون بعر الجمل فيشمونه ويقول بعضهم لبعض : ألا ترون إلى بعر جمل أمنا كأنه المسك الأذفر.
وجعل الأشتر يجول في ميدان الحرب وينادي بأعلى صوته : يا أنصار الجمل! من يبارزني منكم؟ قال : فبرز إليه عبد الله بن الزبير وهو يقول : إلى أين يا عدو الله؟ فأنا أبارزك! قال : فحمل عليه الأشتر فطعنه طعنة صرعه عن فرسه ، ثم بادر وقعد على صدره ، فجعل عبد الله بن الزبير ينادي من تحت الأشتر في يومه ذلك : إقتلوني ومالكا واقتلوا مالكا معي. وكان الأشتر في يومه صائما وقد طوى من قبل ذلك بيومين فأدركه الضعف ، فأفلت عبد الله من يده وهو يظن أنه غير ناج منه ، وفي ذلك يقول :
أعائش لولا أنني كنت طاويا
ثلاثا لألفيت ابن أختك هالكا
« عقر الجمل »
قال : واحمرت الأرض بالدماء ، وعقر الجمل من ورائه فعج ورغا ، فقال علي (ع): عرقبوه فإنه شيطان. ثم التفت إلى محمد بن أبي بكر رضي الله عنه وقال له : انظر إذا عرقب الجمل فأدرك أختك فوارها ، قال : وبادر عبد الرحمن بن صرد التنوخي إلى سيفه ، فلم يزل يقاتل حتى وصل إلى الجمل فعرقبه من رجليه جميعا فوقع الجمل لجنبه وضرب بجرانه الأرض ، ورغا رغاء شديدا ، وبادر عمار بن ياسر فقطع أنساع الهودج بسيفه.
وأقبل علي (ع) على بغلة رسول الله (ص) فقرع الهودج برمحه ، ثم قال : يا عائشة! أهكذا أمرك رسول الله (ص) أن تفعلي؟ فقالت عائشة : قد ظفرت فأحسن. فقال علي رضي الله عنه لمحمد بن أبي بكر : شأنك بأختك فلا يدنو منها أحد سواك. فأدخل محمد يده إلى عائشة فأحتضنها ثم قال أصابك شيء؟ فقالت : لا ، ما أصابني شيء ، ولكن من أنت ويحك! فقد مسست مني ما لا يحل لك؟ فقال محمد : اسكتي فأنا أخوك محمد ، فعلت
Page 151