قارورتي، لماذا أفرغوني منك؟
السموات بداخلك زرقاء،
والجو هناك دائما جميل؛
إذ ليس في العالم بأسره قارورة
مثل قارورتي.
وما عتم هنري وليننا يرقصان رقصة الخطوات الخمس مع الأربعمائة الآخرين حول وستمنستر آبي، وكأنهما يرقصان في عالم آخر ... عالم إجازة السوما الدفيء الغني بالألوان، العالم الودي إلى أقصى الحدود. كان كل امرئ شفيقا، جميل المحيا، مسليا يبعث على السرور! «قارورتي، كنت دائما بحاجة إليك ...» ولكن هنري وليننا ظفرا بما كانا يطلبان ... فهما في الداخل، في تلك اللحظة وفي ذلك المكان - مطمئنون في الداخل مع الهواء العليل، والسماء ذات الزرقة الدائمة، ولما أنهك الموسيقيون الست عشرة طرحوا سكسفوناتهم جانبا، وأخذ جهاز الموسيقى المركبة يترنم بأحدث الأنغام والأغاني، حينئذ شعر هنري وليننا كأنهما جنينان توءمان يترجحان معا فوق محيط قنيني من الدم الجديد.
وألقت مضخمات الصوت أوامرها مستترة في أدب موسيقي بهيج، قالت: «عموا مساء يا أصدقائي الأعزاء، عموا مساء يا أصدقائي الأعزاء، عموا مساء ...»
وخلف هنري وليننا المكان طائعين مع الآخرين جميعا، وكانت النجوم التي تبعث في النفوس الضيق، قد تقدمت في مسيرها مسافة طويلة في السماء، ومع أن الستار الحاجز من «علامات السماء»، قد تبدد الآن إلى حد كبير، غير أن الفتى والفتاة ما برحا ينعمان بجهلهما حقيقة المساء.
وقبل موعد الإغلاق بنصف ساعة، كانا قد تناولا الجرعة الثانية من السوما، فأقامت بين عقليهما وبين العالم الواقعي سدا منيعا، وعبرا الطريق وهما يحسان كأنهما في القوارير، وكذلك اعتليا المصعد إلى حجرة هنري في الطابق الثامن والعشرين، كانت ليننا تحس كأنها في القارورة، وكانت قد تناولت جراما ثانيا من السوما، ولكنها برغم ذلك لم تنس أن تتخذ كل احتياط ضد الحمل وفقا للقواعد المتبعة، وكانت تتخذ هذا الاحتياط بطريقة آلية كلمح البصر من أثر الإيحاء، أثناء النوم الذي تعرضت له سنوات عدة، ومن أثر التدريب المالتسي الذي خضعت له بين الثانية عشرة والسابعة عشرة ثلاث مرات كل أسبوع.
وقالت وهي عائدة من الحمام: «إن هذا يذكرني بأن فاني كراون تريد أن تعرف أنى لك هذا الحزام الأخضر الجميل، المصنوع من جلد كالجلد المراكشي الذي أعطيتنيه.»
Unknown page