كذلك يلعب المكان الجغرافي دورا هاما في تنشيط أو بطء النشاط الاقتصادي، فالشمال السوفيتي الأوروبي، بقربه المكاني من المدن والأسواق قد نشطت فيه اقتصاديات قطع الأخشاب وصيد الأسماك، أما الشمال السيبيري فإن النشاط قد اقتصر فيه - إلى حد كبير - على استغلال المعادن النادرة ذات القيمة الثمينة مما يستدعي الانفاقات المالية الكبيرة، أما حقول الفحم الواسعة في سيبيريا الشمالية، بالإضافة إلى مواردها الخشبية الرائعة، فستظل بعيدة عن الاستغلال لفترة غير معروفة نظرا لوجود بديل لها في أماكن أخرى أقل تكلفة في النقل وأقرب إلى أماكن استهلاكها، أما مصادر الغاز الطبيعي واحتمالات البترول الكبيرة في شرق سيبيريا فقد أصبحت الآن مشروعات سوفيتية ضخمة مطروحة للاستغلال بالاشتراك مع الاستثمارات العالمية واليابانية بصفة خاصة. (5-1) التعدين والطاقة
تدل الدراسات التي قام بها الباحثون على أن ثلثي احتياطي الفحم السوفيتي يوجد في منطقة الصقيع الدائم في شمال سيبيريا شرقي الينسي، ولكن مساهمة هذه المنطقة في إنتاج الفحم السوفيتي حتى الآن ما زالت في حدود 1٪ فقط، وحقل الفحم الشمالي الوحيد الذي له أهميته في الاستغلال الحالي هو ذلك الذي يوجد حول فركوتا
Vorkuta
في داخل إقليم التندرا الأوروبية - حوض البتشورا، وهذا الحقل هو المصدر الأساسي لفحم الكوك لمصانع شربوفتس
Cherepovets
التي تورد الصلب إلى لننجراد - تقع شربوفتس على الفولجا الأعلى عند التقاء خط يمتد إلى الشرق من لننجراد، وخط يمتد إلى الشمال من موسكو، وقد بدأ العمل في فحم فركوتا عام 1942 حين وصلتها السكة الحديدية ، وبعد أن سقط فحم الدونابس في جنوب شرق أوكرانيا في يد الألمان، وبذلك أصبح لحقل فركوتا أهمية حيوية لثلاثة أعوام، لكن موقعها الآن في مناطق الصقيع الدائم وبعدها عن السوق، وارتفاع أجور العمالة، ووصول أنابيب الغاز الأرضي إلى شربوفتس، كلها عناصر مناهضة للتوسع في إنتاج فحم فركوتا، لكن فركوتا تمتلك خطا حديدا، وهو عنصر حاسم في بقاء إنتاجها إلى الآن رغم المصاعب المذكورة، خاصة مع الدراسات التي تدل على غنى وجودة احتياطي الفحم في هذا الحقل.
وفي الشمال السوفيتي أيضا أكثر من ثلث إمكانات الطاقة الكهرومائية، وهناك مشروعات ضخمة لإقامة سدود على نطاق لم يعرفه العالم للآن، وأحد هذه المشروعات الضخمة هو إقامة سد على الأوب الأدنى وتحويل منطقة المستنقعات الهائلة في شمال غرب سيبيريا إلى بحيرة هائلة، ومن هذه البحيرة تضخ المياه جنوبا إلى آسيا الوسطى العطشى إلى المياه، لكن ضخامة المشروع، واحتمالات ما ليس في الحسبان، قد أجلت تنفيذ هذا المخطط إلى أجل غير مسمى، وبالمثل هناك مشروع مستقبلي يتضمن إنشاء سد على لينا الأدنى لتوليد الطاقة عند دلتا هذا النهر، وقد أرجئ البت فيه، والمفروض في مشروع لينا أنه سيكون ضعف الطاقة المنتجة حاليا من سدي براتسك وكراسنويارسك - على أعالي نهري إنجارا وينسي على الترتيب، وهما أضخم منتجين للطاقة الكهرومائية حاليا في الاتحاد السوفيتي، والمفترض أن تنقل طاقة لينا الأدنى على خطوط تحميل قوتها 1400 كيلوفولت، وهو مشروع مذهل، لكنه أرجئ إلى الخطة العشرينية التي تبدأ عام 1980.
كذلك هناك مشروعات طاقة أصغر، مثل تحويل جزء من مياه المجرى الأعلى لبتشورا إلى الفولجا بواسطة سد يولد الطاقة أيضا، ولكننا نلاحظ - نظرا لظروف الشمال السوفيتي عامة - أن مشروعا واحدا هاما قد نفذ فعلا في سد ماماكان
Mamakan
أحد روافد لينا العليا - شمالي بحيرة بايكال، وينتج هذا السد الآن نحو سبع كهرباء سد براتسك الضخم، وتستغل الطاقة المنتجة في مناجم الذهب المجاورة وفي أغراض محلية أخرى.
Unknown page