أول اقبالهم إلى العدو. وإن للسرية الخمس من رأس المال ثم يخرج خمس الله تعالى ثم يقسم الباقي بين السرية وأهل العسكر/ ولهم في الرجوع الربع لأن السرايا يهون عليهم اقتحام بلاد العدو وفي مقدمة العسكر. وشق عليهم التخلف بعد العساكر. فتأول عمر أن للإمام النظر للمسلمين. ووجه آخر: أنه نظر إلى الفرس والروم قد انجفلت وخلت من بلادها وتعلقت بالحصون والقلاع والجبال. فلو قسم عمر بينهم لاشتغلوا بأموالهم فعند ذلك يكر عليهم العدو وينقدع الجهاد ويعطل المعنى الذي أراده الله بهم ووعده لهم وهي الغنائم. قال الله تعالى: { وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها } (¬1) فرأى بحسن نظره أن يسلم الأراضي والأموال إلى أربابها ويجعل للمسلمين عليهم ضريبة يستدونهم إياها كالخراج الذي يضرب به الواحد على عبده ويتفرغون إلى جهاد عدوهم وافتتاح البلاد أمامهم. وتأول أيضا قول رسول الله عليه السلام: »منعت العراق درهما وقفيزها ومنعت الشام/ دينارها ومديها، ومنعت مصر دينارها وأرادبها« (¬2) . بمعنى أن ستمنع. وهذا الحديث إنما أولوه بمعنى أن سيمنع ما فيها من فيء المسلمين في آخر الزمان. وتأول أيضا قول الله تعالى: { كي لا يكون ........... فانتهوا } (¬3) ثم خص الله تعالى لمن يكون له الفيء، فقال: { للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم.... } (¬4) الآية. ثم قال في الأنصار: { والذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم } (¬5) . فنعتهم ووصفهم ثم قال فيمن يأتي بعدهم: { والذين جاءوا......... رحيم } (¬6) . ألا تراه قد أوجب للآتين من بعد في هذا الفيء نصيبا فلم يحضروا بعد.
Page 303