من هذا وأغرب ما جرى لعمر بن الخطاب رضي الله عنه مع رسول الله عليه السلام في قصة عبدالله بن أبي وهو في النزاع فجاءه ولده عبدالله بن عبدالله فقال: إن عبدالله في النزاع استغفر له يا رسول الله. فهم رسول الله يستغفر له. فقال له عمر: أتستغفر له يا رسول الله وقد نهاك الله أن تستغفرله؟ فقال: يا عمر، إن الله تعالى خير لي وقال: { استغفر لهم ................. لهم } (¬1) . فقا لعمر: إنما نهاك. فقال عليه السلام:/ «لاستغفرن له ما لم أنه عنه. وهم في ذلك إذ رجع عبدالله بن عبدالله وقال: يا رسول الله، قد قضى عبدالله فقم فصل عليه. فقام رسول الله عليه السلام فقال له عمر: أتصلي عليه يا رسول الله وقد نهاك الله عن الاستغفار له (¬2) .
وهذه النكتة من أعظم الأدلة على جواز التعبد بالقياس. ألا تراه يقيس الصلاة على الاستغفار ويوجب النهي عنها لأجل النهي عن الاستغفار. وفعل ذلك بين يدي رسول الله عليه السلام فأقره وفي بعض الحديث: أن عمر أمسك ثوب رسول الله عليه السلام حين هم رسول الله أن يتقدم إلى الصلاة كي لا يصلي عليه، ثم تقدم فاطلقه عمر ثم مثل عمر بين يديه وبين الجنازة كي لا يصلي عليه. فأنزل الله عز وجل: { لا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره } (¬3) . وليس يخفى أن جل أصحاب رسول الله عليه السلام يتأولون القرآن/ ويذهبون فيه مذاهبهم، وليس ذلك كله عن رسول الله عليه السلام، ولتفاوت مذاهبهم واختلاف المفسرين بعد صدر الصحابة. ومعلوم أن ذلك من آرائهم، وأن مذاهبهم من تفسيرهم القرآن حق عند الله تعالى على رأي من يقول الحق في جميعهم، وأن الحق في واحد على رأي من يقول الحق في واحد. ووسع الناس اتباعهم فيه خلافا لمن قال: قد ضاق على الناس خلاف الحق فيه.
Page 278