فالأول من قول العرب نسخت الشمس الظل، وهو زوال المنسوخ بثبات الناسخ كما يزول الظل وتبقى الشمس وتخلفه بدلا منه.
والثاني: هو الابطال، وهو أن يبطلا جميعا، كما تقول العرب نسخت الريح الأثر، ونسخ المطر الأثر، أي ذهبا جميعا.
والثالث الذي هو النقل، وهو نسخ الكتاب من الكتاب.
فصل
وحد النسخ إزالة حكم ثابت بشرع متقدم بشرع متأخر عنه لولاه لكان ثابتا. اعلم أن البداء والنسخ والاستثناء والتخصيص أربعة معان تجوز على الله كلها إلا البداء فإنه لا يجوز على الله عز وجل خلافا للرافضه الذين أجازوه/ على الله سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا. وسيأتي موضع ذكرهم ومذهبهم في ذلك إن شاء الله. وعين البداء الظهور والانكشاف: معنى بدا لي هذا أي ظهر لي هذا. وهو الظهور بعد الخفاء، وهذا أمر لا يجري على الله تعالى لأنه نقص وجهل، لكن على المخلوقين. فأجازته الرافضة ويأثرونه عن على بن أبي طالب وعن أهل البيت ويزعمون أن عليا إنما منعه أن يخبر عما يكون إلى يوم القيامة لئلا تبدو لله البداية فيترك. وقالوا في اسماعيل "عليه السلام" (¬1) : ما بدا لله عز وجل شيء ما بدا له في أمر الذبيح. وروى عن موسى بن جعفر أنه قال: هو ديننا ودين آبائنا في الجاهلية وفي الإسلام. والإمام المعروف عندهم بهذا القول زرارة بن أعين، وفيه يقول:
... فلولا البدا ما كان فيه تصرف/ ... وكان كنار (¬2) دهره يتلهب
... وكان كضوء مشرق بطبيعة ... ... ولله عن ذكر الطبائع نرغب
Page 210