Cadd Tanazuli
عد تنازلي: تاريخ رحلات الفضاء
Genres
تعلق كوروليف بالمنظار. كان الصاروخ أمامه مباشرة، ورأى كيف اهتز برج الاتصال بعد إصدار أمر الإطلاق. لم يعد ثمة شيء يصل الصاروخ بالمنصة. «إشعال.» «التعزيز الأولي.»
رأى وميضا لحظيا، ارتجافة قصيرة، قبل أن تلف سحابة الغبار البنية والدخان الثائر في دوامة المحركات كل شيء حولها بسرعة. وأضاءت كرة من النور تغشي الأبصار تحت السحابة. «التعزيز الرئيسي.»
ظل الصاروخ معلقا لا يتحرك، ولم يكن يتبقى على ارتفاعه سوى لحظات قليلة. بدا الأمر كما لو كان الصاروخ يفكر للحظة ليقرر إذا كان سينطلق أم لا. كم هي مملة وطويلة لحظات السكون هذه! «إطلاق.» «ها هو ينطلق، ها هو ينطلق!» الخنجر الأبيض العملاق ينطلق بسرعة إلى أعلى، يبدو جسمه شفافا وخياليا وسط سحابة الدخان. تشبثت أصابع كوروليف حول المقبضين الأسودين للمنظار، بينما كان جسده القصير الممتلئ، ذو الوزن الثقيل، يزداد تيبسا. وفي هذه اللحظة فقط، علا صوت مبتهج مخترقا وعيه، مرددا مرة بعد أخرى بحماس: «جميع النظم مستقرة! الرحلة تمضي بسلام! الضغط في غرف الاحتراق طبيعي! جميع النظم مستقرة!» وأخيرا: «اكتمل الانفصال!»
حدث كوروليف نفسه قائلا: «النظم، استمر في الصياح، يا صديقي العزيز، يا جميع أصدقائي الأعزاء!» غمرته موجة عارمة لا تحتمل من مشاعر الدفء والامتنان نحو الجميع. وقال بسرور يخالطه البكاء: «هل هذا حقا هو كل ما في الأمر ؟ هل فعلتموها حقا؟ بالطبع، بالطبع! حان وقت الاتصال بموسكو وتقديم تقرير. لكن، دعه يكمل مدارا واحدا، ثم نقدم التقرير.»
5
في هانتسفيل ، بعدها بساعات قليلة، تلقى فون براون والجنرال مداريس زيارة من وزير الدفاع القادم نيل ماكلروي، الذي كان يحل محل تشارلز ويلسون. وكانوا في حفل كوكتيل عندما دخل مسئول العلاقات العامة لدى مداريس وقاطع الحديث قائلا: «أيها الجنرال، جرى الإعلان توا عبر الراديو عن أن الروس نجحوا في إطلاق قمر صناعي!»
تفجرت فجأة مشاعر فون براون المكبوتة: «كنا نعلم أنهم سيفعلونها! لن يفلح «فانجارد» في الأمر. لدينا المعدات على الرف بلا استخدام. بالله عليكم، أطلقوا أيدينا واجعلونا نفعل شيئا. نستطيع أن نطلق قمرا صناعيا خلال ستين يوما، سيدي ماكلروي! فقط امنحونا الضوء الأخضر وستين يوما!» قاطعه مداريس الحذر قائلا: «لا، يا فيرنر، بل تسعين يوما.» وقدموا إلى ماكلروي بيانا قصيرا في الصباح التالي، ومثلما قال مداريس: «كنا نشعر جميعا وكأننا لاعبو كرة قدم نتوسل حتى يسمح لنا بالقيام عن دكة الاحتياطي.» لم يتعهد وزير الدفاع الجديد بأي التزامات، بيد أن مداريس أخبر فون براون أن يبدأ الاستعدادات كما لو كان يملك توجيها رسميا بالمضي قدما.
في هذه الأمسية نفسها عشية الرابع من أكتوبر، كان زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ليندون جونسون يرأس اجتماعا في مزرعته إل بي جي في تكساس، وسمع ضيوفه الأخبار في الراديو، وبعد العشاء خرجوا في جولة ليلية سيرا على الأقدام إلى نهر بدرناليس القريب. وكتب جونسون قائلا: «الآن، على نحو ما، بطريقة ما جديدة، بدت السماء غريبة على ما أعتقد. وإنني لأذكر أيضا الصدمة العميقة في إدراك أن أمة أخرى ربما تتمكن من تحقيق تفوق تكنولوجي على دولتنا العظيمة هذه.»
نشرت الصحافة الأخبار بتفصيل كامل، وحددت صحيفة «نيويورك تايمز» طريقة عرض الأحداث من خلال عنوان ساخن تصدر صفحتها الأولى:
السوفييت يطلقون قمرا أرضيا إلى الفضاء.
Unknown page